29 يونيو 2012


فن صناعة الفرعون                                                اقبال بركة  
 نحن المصريون بارعون فى شتى الحرف و الصناعات ، و أبرع ما نكون فى فن صناعة الفرعون ، فتلك حرفة قديمة ورثناها عن أجدادنا منذ آلاف السنين ،و ليس من السهل انتزاعها من جيناتنا .
و قد مارسنا  حرفتنا بنجاح ساحق مع كل الملوك والحكام الذين توالوا علينا على مدى سبعة آلاف عام . يبدأ الحاكم  متواضعا راغبا فى خدمة رعيته خائفا من الله رب العالمين ، متحسبا من غدر الزمان ، فيتحلق حوله بطانة من الكهنة و حملة المباخر و المطيباتية و غيرهم ، الذين يتبارون فى ممارسة حرفتهم ، كل حسب اختصاصه ، حتى يستوى الحاكم فرعونا لا مثيل لجبروته و بطشه . ولاشك أن هؤلاء "المطيباتية " يفركون أكفهم اليوم فى سعادة ، فرحين مستبشرين بقدوم حاكم جديد لمصر ، سوف يمارسون عليه حرفتهم ، عله يغدق عليهم المناصب و العطايا بلا حساب .
و من الشائع بين المؤرخين أن حكم مصر "لذيذ" بدليل تشبث الحكام به ، لعقود  ، الى أن يقضى الله  برحيلهم ، و البركة فى المطيباتية ! والأمثلة فى تاريخنا لا تعد و لا تحصى ، فعلى سبيل المثال اعتلى محمد على حكم مصر لمدة ثلاثة و أربعين سنة ، (1805-1848) ، و ابنه إسماعيل حكم 16 سنة (1863-1879)و حفيده عباس الثانى 22 سنة(1892-1914) و و احمد فؤاد الأول 19 سنة (1917-1936) وفاروق 16 سنة (1936-1952 ) وحسنى مبارك 40 سنة (1981-2011)
و بعد آلاف السنين من الصبر ، انتفض الشعب المصرى فى ثورة غير مسبوقة لكى يتخلص من الاستبداد و من كل ما يحيط به من مظاهر الفساد و الإفساد ، فهل ستنقرض حرفة المطيباتية ..! و طقوس المطيباتية لا تختلف من عهد الى عهد ، فتبدأ بمهرجان  طبل و زمر فى استقبال الحاكم ، أغانى و قصائد و خطب فى مديحه و الإشادة بعبقريته و نبوغه وورعه و تقواه و شجاعته فى مبارزة الباطل و نصرة الحق و... و...
تدبيج الخطب ذات العبارات الرنانة الطنانة ليليقيها الحاكم الجديد على الشعب ويدغدغ مشاعرهم بوعود لن تتحقق و عهود سوف تُنقض.
و عادة مايتصدر موكب النفاق أذناب العهد السابق ، الذين اعتلوا الصدارة عن غير حق فى العهد البائد و كل منهم على استعداد لأم
يبوس الجدم و يبدى الندم على عملته فى عهد الغنم " . و رغم أنهم يعلمون ، مثل الجميع ، أنه لم يفز بالمنصب لأنه أفنى سنوات عمره سعيا اليه ، و إنما هبط عليه من السماء عندما وضعت العراقيل فى طريق من اختارته جماعته ليجرى فى سباق الرئاسة المصرية . لم يحل محل المتسابق الأساسى لأنه أفضل رجال الجماعة ، و لكن لأنه الأكثر قربا من المرشد و من المتسابق الأساسى . لم تفز جماعته بتلك الفرصة الذهبية لأنهم قادوا ثورة على الحاكم الجبار ، بل ترددوا فى البداية و أعلنوا عدم انضمامهم للثوار ، ثم جاءتهم الفرصة على طبق من ذهب  عندما تفرق  الثوار وتنازعوا على الزعامة و تركوا الملعب خاليا فقفزت الجماعة و خطفت الثورة .
الرئيس الجديد أمضى  العديد من السنوات فى سجن الدكتاتور المخلوع ، وليست لديه أدنى خبرة فى ممارسة الحكم ، وضعته المقادير فى موقف لم يكن يحلم به و لا يتخيل  إمكانية حدوثه ..فأصبح حاكما لأعرق و أكبر دولة إسلامية عربية ..
و هكذا وضعته الأقدار فى موقف لم يحسب له ، تماما كما سبق و فعلت بسابقه .
و على مدى شهور طويلة كان الإعلام المصرى يتبارى بكل أجنحته الحكومية و الخاصة فى نقد الجماعة و كشف مثالبها و التحذير من خطورة استيلائها  على حكم مصر و العواقب الوخيمة التى ستحيق بالشعب اذا ما نفذت الجماعة الى الحكم من أى ثغرة . و قد نجح الاعلام المصرى فى بث الرعب فى قلوب المصريين ، و جاءت نتيجة انتخابات الرئاسة معبرة عن ذلك الرعب ، ففاز المرشح المنافس الذى لا يميلون اليه كثيرا بنصف الأصوات ،فقط لأنه كانت لديه الشجاعة ليتصدى لبعبع الجماعة و يناطحهم و يوشك أن يفوز على مرشحهم فى السباق .
و رغم كل ما حدث فقد ارتاح الجميع لفوزه ، ليس لأنه الأفضل بين كل من سعوا الى المنصب ، و لكن لأن فوزه سينقذ مصر من فوضى عارمة بين أتباع جماعته الذين أعلنوا بلا مواربة أنه إما أن ينصاع المصريون لرغبتهم ( و هم أقلية ) أو يحولوا حياتهم الى جحيم !!!!!
هكذا فهم أتباع الجماعة الديمقراطية ، نحن أو الطوفان .. و استسلم الجميع ..و فاز مرشحهم بالرئاسة ..
و بأغلبية ضئيلة جدا حظى الحاكم الجديد على أهم و أكبر مقعد رئاسى فى الشرق الأوسط و أفريقيا و بلاد العرب .
و لسوف ينشط صناع الفرعنة فى ممارسة حرفتهم ، وسوف ينبطحون متسابقين الى الانضمام للجماعة الحاكمة ، و تعلن نساءهم توبتهن عن " السفور " و يرتدين الحجاب فورا ، و سوف يصبح اطلاق الذقون مودة ، و صبغ الجبهات بالزبيبة ، و امساك السبح لزوم الصنعة ، وسوف تتبارى الأبواق فى لى الحقائق و تزييف المعلومات و غير بعيد أن يؤلفوا للحاكم الجديد تاريخا جديد ..  و هكذا
إنها  حرفة تجرى فى الجينات ..! 

24 يونيو 2012


الحكم بالعافية       بقلم اقبال بركة

مالذى ستستفيده جماعة الإخوان المسلمين من كل تهديد و الوعيد الذى ينثره أعضاؤها داخل و خارج الوطن..؟! . إنه بالقطع يسىء إليها و يظهرها جماعة لا تعترف بالديمقراطية و لا تفهم أصولها . و إذا كان موقفها المعلن مرارا و تكرارا " نحن .. أو الطوفان " فما الفرق بينها و بين النظام الذى تخلصنا منه و ألقينا بزبانيته خلف القضبان . كانوا يقولون نحن أو طوفان التطرف و الفوضى " و هو بالضبط ما يردده أنصار حزب العدالة والحرية الذراع السياسى للإخوان المسلمون . لقد سبق و أعطى أنصار المحامى  السلفى حازم صلاح أبو اسماعيل  أسوأ مثال على فهم  التيار الدينى للديمقراطية .. اعتصموا و حاصروا وزارة الدفاع و أثاروا الرعب والهلع لدى المواطنين و رفعوا شعار " حازم لازم " الذى رددوه آلاف المرات ، و فى النهاية لم يحققوا شيئا سوى الإساءة للمرشح و لكل الإسلاميين .
هل يبغى الإخوان أن يحكموا مصر بالعافية ؟ هذا هو الإنطباع الذى عبرت عنه  مظاهرات الملايين فى  كل شوارع مدينة نصر ،  الذين احتشدوا و هتفوا رافضين لى الذراع كوسيلة للحكم . لقد فقدت جماعة الإخوان المسلمين مصداقيتها منذ تتالت على الشعب المصرى أكاذيبهم  الشهيرة  . قالوا لا للهيمنة الحزبية على المجلس التشريعى ..وسوف نكتفى بثلاثين فى المائة فقط ، و لكنهم حصلوا على ما يقرب من 70 % من المجلسين . قالوا لن نرشح إخوانيا للرئاسة .. ثم عادوا فرشحوا اثنين واحد أساسى و الآخر احتياطى ..وعد مرشحهم الاحتياطى باحترام الأقلية المسيحية ثم ثبت أن أعوانه كانوا يمنعون الأقباط من التصويت ..و هلم جرا..!
من سيصدقهم بعد كل تلك الأكاذيب ؟! هل ستصدقهم حرائر مصر الذين يرفضون الحجاب عندما  أعلنوا أن الزى حرية شخصية ؟! هل ستصدق الناشطات السياسيات وعودهم  بتعيين عدة وزيرات  لا يشترط أن يكن " إخوانيات " ؟! هل سيصدقهم الأقباط ، حتى لو أقسموا بأغلظ الإيمان ، أنهم لن يفرضوا عليهم الجزية و لن يمنعوهم من الالتحاق بالجيش و سوف يعينون عددا منهم وزراء و فى مناصب عليا ؟!
لقد فات الإخوان أن الشعب المصرى قد بلغ سن الرشد يوم 25 يناير و أنه الآن يعرف الصالح من الطالح ، ولن يلدغ من الجحر مرة ثانية أبدا . فاتهم أن العصر الحاضر الذى يستخدمون كل آلياته و يرفضون معاييره و مبادئه ، يحاصر السياسيين بتسجيلات لأقوالهم و تصريحاتهم حتى لو  قالوها فى بلاد واق الواق . و لو كانوا على بينة من  إمكانيات العصر الحديث فى فضح الأكاذيب و لإثبات الزيف لتابعوا ما فعلته  شبكة الويكيليكس" فى الساسة فى كل أنحاء العالم .. كشفت أكاذيبهم بالمستندات السرية و بالصور ، فلم يجد وا بدا من مطاردة رئيس تحرير الموقع "جوليان أسانج" الأسترالى و اتهامه بالباطل بالتحرش ببعض الغانيات السويديات .
لقد كان الكثيرون لا يمانعون فى أن تصل جماعة الإخوان المسلمين الى الحكم ، بعد أن حررتهم الثورة العظيمة و أطلقتهم من سجون الظلم و العزل ، فحق كل مصرى يرى فى نفسه القدرة على خدمة بلاده أن يمكن من ذلك ، وفقا لاجتهاده . أما أن يحقق المصرى ، أيا كان انتماؤه ، أغراضه بلى الذراع واستعداء البسطاء على القانون و الجيش والأزهر ..الخ فهو دليل على عدم النضج و قلة الحيلة .
و هب أن هذه الأساليب  أوصلته للحكم ، فالنتيجة الحتمية أن بسطاء الناس سيستخدمون معه نفس الأساليب التى علمها لهم ،  سوف يتجرأون مثله على  رموز الحكم ، و تصبح البلطجة أسوبهم فى التعامل معه . و العقلاء المتعلمون لا بد و أن يصيبهم الفزع من و يحجمون عن انتخابه ، و يضطرون للجوء لبديل  قد لا يرضون عنه تماما  و إنما مثل الدواء المر ، شر لابد منه لمقاومة العربدة السياسية .  
لقد خسر د. محمد مرسى كثيرا من احترام الناس عندما استسلم لبلطجية حزبه ووقف – فى مشهد كوميدى – يلوح للجماهير  معلنا فوزه بالرياسة ، فى الفجر و بعد ست ساعات فقط من بداية الفرز الذى استمر بعد ذلك لعدة أيام .
هذا التسرع فى الإعلان عن نتيجة لم تثبت بعد ،ينطوى على رغبة جارفة ،معجونة بعدم الثقة،  فى الحكم ، وعلى عدم احترام لمؤسسات الدولة و على فتونة واستقواء يأباهما شعب مصر الذى انتفض ثائرا فى أروع مشهد ثورى فى التاريخ .
جماعة الإخوان المسلمين فى حاجة الى " درس خصوصى " تتعلم فيه أصول الديمقراطية و الحكم بالقانون .. و ليس بالعافية !

21 يونيو 2012

وزيرات مرسى محجبات أم سافرات ؟!

 أكد الدكتور مرسي بعد اطلاعه علي نسخة من وثيقة  الاتفاق الوطني التي أطلقتها صفحة "كلنا خالد سعيد" موافقته علي  أن يستقيل حال فوزه بالرئاسة  ،  من حزب الحرية والعدالة ومن جماعة الاخوان المسلمين.فهل سيفعل ذلك ؟ وهل سيطلِق المبادىء الإخوانبة طلاقا بائنا، أم رجعيا ؟
والبند الرابع يتضمن تعهده بتشكيل حكومة ائتلافية موسعة تشمل الاقباط والمرأة والشباب وأن يكون رئيس الوزراء من خارج الحرية والعدالة ويشغل ثلثي مقاعدها الاحزاب السياسية بتوزيع عادل, علي ان يتولي خبراء ليست لهم اي انتماءات سياسية وزارات الدفاع والداخلية والخارجية والعدل والاتصالات والسياحة, وإلغاء وزارة الاعلام وانشاء هيئة مستقلة مختصة, ويعين نائبين لرئيس الوزراء. .! فهل سيفعل كل ذلك ؟وعلى أى أساس سيتم اختيار الوزراء والوزيرات ؟!  من الجماعة أو من التيارات الدينية الأخرى ؟  هل سيتحمل الرئيس وجود وزيرات غير محجبات و من خارج الجماعة فى الوزارة ، أم سيختارهن كلهن محجبات ؟!!

حتى لا ننسى                                اقبال بركة
مرشح الإخوان د. محمد مرسى إذا اعتلى أريكة الرئاسة  المصرية سيكون أمام اختبار صعب ، اختبار ثقة و مصداقية بمواجهة تصريحاته و وعوده التى  أطلقها خلال حملته الدعائية . و فى لقاء له التقى  مع بعض الشخصيات التى وصفت بأنها رموز كبيرة من فئات المثقفين والفنانين والإعلاميين ،  طرح عليهم د. مرسى اطروحاته للمرحلة المقبلة ، بل و زاد بأن وعدهم  بإصدار بيان بالتعهدات التي سيلتزم بها حال فوزه بالرئاسة إلا أنه عاد فأعلن بأنه  لن يوقع عليها, بل سيكون التزاما منه أمام الرأي العام المصري والعالمي, فمطلب التوقيع أمر غير لائق, و هو  سيلتزم بما يعلنه. !
و سواء وقع سيادته  أم لم يوقع فمعروف  سلفا ، ووفقا لتجاربنا المؤلمة مع جماعته إياها ، غير مستبعد أن  ينكص على عقبيه بمجرد أن يتمكن من الحكم ، و ينسى كل  ما وعد به .