تغيير الدستور ممكن ..
الدستور الذى تم الاستفتاء عليه منذ أيام مثقل بعبارات
و مواد ملغمة يمكن أن تفجر الأمة المصرية
مستقبلا و تحولها الى أشلاء . و لكن يمكن
تعديل مواده فى أى وقت إذا ما اجتمعت ارادة الشعب على ذلك . وفى هذا السياق لابد و أن نتذكر الناشطة المصرية الراحلة الدكتورة
درية شفيق التى استطاعت بإصرار و عزيمة لا تلين أن ترغم المسئولين على إقرار الحقوق السياسية للمرأة المصرية .
كانت نساء مصر قد سبقن الكلمة بالفعل و خرجن فى
مظاهرات و اعتصمن و أضربن عن الطهام و
أحرقن الملابس المستوردة من انجلترا فى ميدان الإسماعيلية وكتبن المقالات و نشرن
البيانات من أجل حرية واستقلال مصر . و بعد كل ذلك رفض طلبهن بمنح الحقوق السياسية لنساء مصر و خرج دستور 1923 ( دستور الثورة ) منقوصا يمشى على قدم واحدة فلم
يكتب له البقاء . وانتظرت النساء لمدة ما يقرب من ثلاثة عقود و لكن العناد الذكورى
لم يلن و ظل ساسة ذلك الزمان ينكرون على أمهاتهم و شقيقاتهم و بناتهم حقوقهن
السياسية . و فى أوائل الخمسينات تكررت المحاولة بزعامة
درية شفيق التى قادت فى التاسع عشر من فبراير 1951 مجموعة من النساء فى
مسيرة الى البرلمان المصرى ، ثم اتجهن الى رئاسة الوزراء وطلبن موعدا من مصطفى النحاس رئيس الوزراء فى
ذلك الوقت لتقديم طلبات نساء مصر ، ولكن
الزعيم رفض وقدم بلاغا للنائب العام فى درية
شفيق ، و قدمت الدكتورة درية
للمحاكمة الا أن القضية تأجلت الى أجل غير
مسمى . وفى 30 مارس 1952 قدمت درية شفيق أوراق ترشيحها للبرلمان ، و لكن الشيخ مخلوف مفتى مصر فى ذلك الوقت أصدر
فتوى بعدم جواز دخول المرأة للبرلمان !.
بعد قيام ثورة يوليو 1952 تجدد الأمل فى نفوس النساء المصريات ، و انتهزن
فرصة الإعداد لدستور جديد يتفق مع روح ثورة 1952
، و لكنهن فوجئن بخلو اللجنة التأسيسية المزمع تشكيلها لوضع الدستور الجديد للبلاد
من أسماء النساء . اعتصمت درية فى نقابة الصحفيين مع زميلاتها ، و أبرقن لكل المسئولين المصريين و
إلى عدد كبير من مندوبى الصحافة العالمية
فى مصر بعزمهن على الإضراب عن الطعام احتجاجاعلى أن اللجنة التأسيسية المزمع
تشكيلها لوضع الدستور الجديد للبلاد لم تضم امرأة واحدة ، و قالت درية فى برقيتها
: أنا أرفض الخضوع لدستور لم أشارك فى صياغته..
استمر اضراب السيدات عن الطعام لمدة 10 أيام ،
حتى أرسل اللواء محمد نجيب رئيس مجلس
الثورة فى ذلك الوقت رسالة للسيدات وعد فيها
بأن يكفل الدستور حقوقها السياسية الكاملة
. وفى عهد الرئيس جمال عبدالناصر انتصرت ارادة المرأة المصرية و صدر الدستور الجديد
فى 16
يناير عام 1956 متضمنا منح المرأة المصرية حق التصويت .
و مانيل المطالب بالتمنى و لكن تؤخذ الدنيا غلابا