حول مسالة حرية تغيير العقيدة
هل نستحق اليوم ما تطلبون ..؟ بقلم اقبال بركة
بعد طول تردد قرر صديقى أن يتزوج ، و دعانا الى حفل زفافه فى إحدى كنائس مدينة قريبة من القاهرة . كانت العروس سمراء جميلة شديدة الاعتداد بنفسها . بعد عام واحد التقيت بالصديق الذى أعرفه إنسانا طيبا كريما على خلق ، فوجدته فى شدة الأسى ، يشكو بمرارة من زوجته ، و قد وصل الى قرار حاسم : لابد من الطلاق فورا . و قبل أن أسأله : كيف ؟ قال سأغير دينى ..
و لا أعرف إذا ما غير صديقى د ينه أو لم يفعل ، و لكنى عرفت فيما بعد أنه طلق زوجته بالفعل ، ثم أعادها بعد فترة ، وبعدت الأيام بيننا فلم أعد أسمع أخبارهما .
بعد سنوات طويلة كنت فى الكنيسة المرقصية بالعباسية لحضور القداس على روح الزميل الراحل سعيد سنبل ، و كان البابا شنودة نفسه يلقى القداس ، و فجأة حدث هرج و مرج و اقتحمت مجموعة من الشبان الكنيسة ، وظلوايهتفون ، و رأيت بعضهم يحملون لافتة نقول " خطفوا مراةَ أبونا بكرة يخطفونا " . انتهى القداس بسرعة و تدافع الحاضرون للخروج وخارج القاعة شاهدت مجموعة من الشبان و قد أغمى عليهم من فرط الغضب و الإنفعال ..!
إن ارتداد شابة واحدة عن المسيحية ، و قيل أنه لأسباب عاطفية ، تسبب فى إشعال عاصفة من الجدل بين المسلمين و المسيحيين المصريين مازالت أصداؤها تتردد حتى اليوم .
تغيير الدين فى مصر أمر غير مستحب و غير مرحب به من الطرفين . لم نصل بعد الى الثقافة الاجتماعية التى تؤهلنا ، مسلمين و أقباط ، لتقنين حرية تغيير العقيدة . أغلب المتحولين من هذا الدين الى ذاك ، أو من طائفة الى طائفة داخل الدين نفسه ، يفعلونها لأسباب واهية ، عاطفية أو مادية ، دون أن يدرسوا الدين الآخر جيدا ، بل إن أغلبهم لا يعرفون الا القشور من دينهم الموروث ، و العديد منهم يعودون للدين الأول بعد أن تنقضى أغراضهم .
كل الأنبياء وجدوا عسرا شديدا فى إقناع معاصريهم بالدين الجديد رغم نزول الوحى الإلهى ، فالشعوب تصر على أن تظل على دين الآباء ، وحتى بعد الإذعان للدين الجديد بعد انتصاره ، تتمسك الأغلبية العظمى بالأعراف و الأفكار و التقاليد الموروثة ، و مازلنا نعانى من ذلك حتى يومنا هذا .أغلب ما ينسب للإسلام و يسىء اليه اليوم لا يمت للعقيدة الأساسية بصلة .
و سؤالى الصعب هو : هل حالنا اليوم أفضل كثيرا من أحوال الشعوب الغابرة ؟
قرأت لكثير من المفكرين و الكتاب و الشعراء الغربيين يشيدون بالإسلام و نبيه الكريم و لكنى لم أعرف أحدا منهم غير دينه الى الإسلام . كتب جوته أكبر شعراء ألمانيا يشيد بمحمد و ردد عبارات مستوحاة من القرآن الكريم فى العديد من قصائده وأسر لأحد أصدقائه بأنه يحلم بكتابة عمل درامي ضخم حول رسول الاسلام ، إلا أن المنية وافته دون أن يحقق ذلك الحلم . و أمير الشعراء الروس بوشكين فعل نفس الشىء وكتب قصيدة يقسم فيها بالشفع و الوتر ، وردد إعجابه اللامحدود بسورة " الأحزاب" و غيرها فى القرآن الكريم ، و لكنه لم يغير دينه . و العديد من الباحثين الجادين فى اللاهوت درسوا البوذية واليهودية و المسيحية و الإسلام بعمق و أصدروا كتبا ضخمة حول كل دين ، و منهم كاثرين آرمسترونج التى لخصت كتابها فى حلقات بجريدة الأهرام منذ أعوام ، و آرثر كونيج الذى زار القاهرة مؤخرا و استضافته الجامعة الأمريكية و دخلنا معه فى جدال حول دعوته الى الحوار بين الأديان .يومها قلت لكونج إذا كانت المذاهب و الطوائف داخل الدين الواحد لم تجد سبيلا الى الحوار ، فهل سيحدث هذا بين الأديان ، و مع أى طائفة سيتحاور كل دين ، و هل ستقبل الطوائف أوالمذاهب الأخرى ما انتهى اليه المتحاورون...الخ
لم يتقدم الوعى الثقافى كثيرا فى بلادنا لكى نتجاهل التاريخ و نزعم أن الزمن تجاوز ما حدث فى الماضى . نحن شعوب تعيش الماضى و تنتقى من الحاضر ما يتفق معه و لا يخدشه ، و تتجاهل المستقبل تماما . و إطلاق حرية العقيدة اليوم ليس سوى منح شخص درجة الدكتوراه بعد أن فشل فى اجتياز امتحان الإبتدائية ..
حرية العقيدة حق أساسى من حقوق الإنسان ، وحرية الاختيار حق آخر ينسحب على كل ما يخص الفرد من أمور و منها عقيدته الدينية و السياسية . ولما كنا قد ورثنا الدين عن آبائنا فإن حرية التحول من دين الى آخر أمر بديهى لا يحتمل النقاش . غير أن الدين (الإسلامى أو المسيحي) لن يهتز و لن يتهاوى إذا ما غادرته أفراد أو جماعات ، كذلك لن يزيد ثراء و منعة اذا ما انضم اليه المئات أو الآلاف . لم تعد الزيادة العددية سبيلا الى التفوق و القوة ، فالعبرة بالكيف و ليس الكم . فماذا فعل المليار و نصف مسلم لإنقاذ دينهم من براثن التخلف الذى انقض عليه فى السنوات الماضية و نفَرشعوب الأرض كلها منه ..؟ والأعداد الهائلة من المسلمين الذين فتحت لهم أوروبا أبوابها عن طيب خاطر و أتاحت لهم فرص العمل و التعلم و الحياة الاجتماعية الكريمة لم يحسنواالتصرف و أساءوا الى الإسلام و أفسدوا العلاقة بين الشرق و الغرب بتحولهم فجأة الى التزمت الدينى و الإسلام المظهرى الذى لا يفيد كثيرا . لم يبذلوا جهدا يذكر لإقناع الغرب بما فى الدين الحنيف من مبادىء سبق بها العالم ، و إن لم تطبق بين أبنائه .. مبادىء المساواة التامة بين البشر و" لا إكراه فى الدين" و احترام الآخر " لكم دينكم و لى دينى " و الإعلاء من شأن المرأة بمنحها الذمة المالية و حق الميراث و حق فسخ الزواج الفاسد (العصمة و الخلع ) والمشاركة فى كل ما يفيد المجتمع من أنشطة ....الخ
كل هذه القيم الرائعة غابت تماما عن المسلمين الذين هاجروا الى الغرب ، نسوا دينهم الحقيقى وتذكروا فقط جرائم الشرف و الحجاب و النقاب و الصلاة على الأرصفة فى شوارع أوروبا و ذبح الأضاحى على قارعة الطريق ..الخ
كانت رحلتى الأولى الى أوروبا عام 1969 أما الأخيرة فكانت فى أغسطس الماضى .. وعلى مدى العقود الثلاثة الماضية سافرت الى اوروبا و أمريكا العديد من المرات ، شهدت خلالها تغيرا جذريا بين المصريين و العرب الذين التقيت بهم . تراجع مظهر المسلمة و أصبحت تميز نفسها بالحجاب و الجلباب و النقاب أحيانا ، و تباعد المسلمون عن مواطنيهم المسيحيين و تفشت بين المسيحيين نبرة الغضب و التذمر و كثرة النقد لبلادهم و .. و لم الحظ أبدا تقدما فى المعرفة الدينية أو فهما لمقاصدها بين اى من الطرفين ....وهذا حديث قد أعود اليه و يضيق عنه المقام الان .
الشرقيون اليوم ( و أقصد بهم المسلمين و المسيحين عربا و غير عرب ) ليسوا على استعداد لهذه الخطوة الجبارة .. إطلاق حرية تغيير الدين ، و يكفى أن ننظر حولنا الى النموذج الوحيد الذى يتخيل البعض أنه قد طبق هذه الحرية لنكتشف أن مواطنى تلك الدولة صاروا أكثر تمسكا بمذاهبهم الدينية و طوائفهم و على استعداد للذود عنها ضد الطوائف الأخرى سواء كانت من دينهم أو من الأديان الأخرى . الولاء للمذهب أصبح فوق الولاء للوطن ، رغم التزاوج بحرية بين جميع المذاهب و الأديان .
أما عن المثقفين فحدث و لاحرج ، و لنعد قليلا الى الوراء و نتذكر اللغط الحادث فى السنوات الماضية ، لندرك أن غياب الوعى الثقافى سببه الأساسى انعدامه لدى أغلبية ضخمة ممن يتصدون لمخاطبة الناس سواء عن طريق الصحف أو التليفزيون أو مباشرة فى المساجد و الندوات و الجلسات الخاصة . و لا أشك لحظة أن أعضاء الشعب سيكونون أول من يعارض أى قانون تحاول الحكومة أن تمرره يقضى بإلغاء المادة الثانية من الدستور و يبيح حرية تغيير الدين . و أكاد أتصور " سيناريو" ما سيحدث يومها : سينبرى أغلبية ساحقة من أعضاء الحزب الحاكم للدفاع عن "عقيدتنا " ، سيغمى على عضو مستقل حزنا على الكفر الذى تفشي فى البلد و سوف يطالب البعض بإقالة رئيس الوزراء و وزير الثقافة الذى لا شك أنه وراء ذلك القانون الشيطانى ، و سيلتزم الإخوة الأقباط الصمت ، أما الأعضاء من جماعة الإخوان فسيتفرجون صامتين فرحين بما وصلوا اليه من نجاح ساحق ..
و الحديث لم ينته بعد ..فلنستكمله فى الأسبوع القادم ..
روزاليوسف السبت، 05 سبتمبر، 2009
هل نستحق اليوم ما تطلبون ..؟ بقلم اقبال بركة
بعد طول تردد قرر صديقى أن يتزوج ، و دعانا الى حفل زفافه فى إحدى كنائس مدينة قريبة من القاهرة . كانت العروس سمراء جميلة شديدة الاعتداد بنفسها . بعد عام واحد التقيت بالصديق الذى أعرفه إنسانا طيبا كريما على خلق ، فوجدته فى شدة الأسى ، يشكو بمرارة من زوجته ، و قد وصل الى قرار حاسم : لابد من الطلاق فورا . و قبل أن أسأله : كيف ؟ قال سأغير دينى ..
و لا أعرف إذا ما غير صديقى د ينه أو لم يفعل ، و لكنى عرفت فيما بعد أنه طلق زوجته بالفعل ، ثم أعادها بعد فترة ، وبعدت الأيام بيننا فلم أعد أسمع أخبارهما .
بعد سنوات طويلة كنت فى الكنيسة المرقصية بالعباسية لحضور القداس على روح الزميل الراحل سعيد سنبل ، و كان البابا شنودة نفسه يلقى القداس ، و فجأة حدث هرج و مرج و اقتحمت مجموعة من الشبان الكنيسة ، وظلوايهتفون ، و رأيت بعضهم يحملون لافتة نقول " خطفوا مراةَ أبونا بكرة يخطفونا " . انتهى القداس بسرعة و تدافع الحاضرون للخروج وخارج القاعة شاهدت مجموعة من الشبان و قد أغمى عليهم من فرط الغضب و الإنفعال ..!
إن ارتداد شابة واحدة عن المسيحية ، و قيل أنه لأسباب عاطفية ، تسبب فى إشعال عاصفة من الجدل بين المسلمين و المسيحيين المصريين مازالت أصداؤها تتردد حتى اليوم .
تغيير الدين فى مصر أمر غير مستحب و غير مرحب به من الطرفين . لم نصل بعد الى الثقافة الاجتماعية التى تؤهلنا ، مسلمين و أقباط ، لتقنين حرية تغيير العقيدة . أغلب المتحولين من هذا الدين الى ذاك ، أو من طائفة الى طائفة داخل الدين نفسه ، يفعلونها لأسباب واهية ، عاطفية أو مادية ، دون أن يدرسوا الدين الآخر جيدا ، بل إن أغلبهم لا يعرفون الا القشور من دينهم الموروث ، و العديد منهم يعودون للدين الأول بعد أن تنقضى أغراضهم .
كل الأنبياء وجدوا عسرا شديدا فى إقناع معاصريهم بالدين الجديد رغم نزول الوحى الإلهى ، فالشعوب تصر على أن تظل على دين الآباء ، وحتى بعد الإذعان للدين الجديد بعد انتصاره ، تتمسك الأغلبية العظمى بالأعراف و الأفكار و التقاليد الموروثة ، و مازلنا نعانى من ذلك حتى يومنا هذا .أغلب ما ينسب للإسلام و يسىء اليه اليوم لا يمت للعقيدة الأساسية بصلة .
و سؤالى الصعب هو : هل حالنا اليوم أفضل كثيرا من أحوال الشعوب الغابرة ؟
قرأت لكثير من المفكرين و الكتاب و الشعراء الغربيين يشيدون بالإسلام و نبيه الكريم و لكنى لم أعرف أحدا منهم غير دينه الى الإسلام . كتب جوته أكبر شعراء ألمانيا يشيد بمحمد و ردد عبارات مستوحاة من القرآن الكريم فى العديد من قصائده وأسر لأحد أصدقائه بأنه يحلم بكتابة عمل درامي ضخم حول رسول الاسلام ، إلا أن المنية وافته دون أن يحقق ذلك الحلم . و أمير الشعراء الروس بوشكين فعل نفس الشىء وكتب قصيدة يقسم فيها بالشفع و الوتر ، وردد إعجابه اللامحدود بسورة " الأحزاب" و غيرها فى القرآن الكريم ، و لكنه لم يغير دينه . و العديد من الباحثين الجادين فى اللاهوت درسوا البوذية واليهودية و المسيحية و الإسلام بعمق و أصدروا كتبا ضخمة حول كل دين ، و منهم كاثرين آرمسترونج التى لخصت كتابها فى حلقات بجريدة الأهرام منذ أعوام ، و آرثر كونيج الذى زار القاهرة مؤخرا و استضافته الجامعة الأمريكية و دخلنا معه فى جدال حول دعوته الى الحوار بين الأديان .يومها قلت لكونج إذا كانت المذاهب و الطوائف داخل الدين الواحد لم تجد سبيلا الى الحوار ، فهل سيحدث هذا بين الأديان ، و مع أى طائفة سيتحاور كل دين ، و هل ستقبل الطوائف أوالمذاهب الأخرى ما انتهى اليه المتحاورون...الخ
لم يتقدم الوعى الثقافى كثيرا فى بلادنا لكى نتجاهل التاريخ و نزعم أن الزمن تجاوز ما حدث فى الماضى . نحن شعوب تعيش الماضى و تنتقى من الحاضر ما يتفق معه و لا يخدشه ، و تتجاهل المستقبل تماما . و إطلاق حرية العقيدة اليوم ليس سوى منح شخص درجة الدكتوراه بعد أن فشل فى اجتياز امتحان الإبتدائية ..
حرية العقيدة حق أساسى من حقوق الإنسان ، وحرية الاختيار حق آخر ينسحب على كل ما يخص الفرد من أمور و منها عقيدته الدينية و السياسية . ولما كنا قد ورثنا الدين عن آبائنا فإن حرية التحول من دين الى آخر أمر بديهى لا يحتمل النقاش . غير أن الدين (الإسلامى أو المسيحي) لن يهتز و لن يتهاوى إذا ما غادرته أفراد أو جماعات ، كذلك لن يزيد ثراء و منعة اذا ما انضم اليه المئات أو الآلاف . لم تعد الزيادة العددية سبيلا الى التفوق و القوة ، فالعبرة بالكيف و ليس الكم . فماذا فعل المليار و نصف مسلم لإنقاذ دينهم من براثن التخلف الذى انقض عليه فى السنوات الماضية و نفَرشعوب الأرض كلها منه ..؟ والأعداد الهائلة من المسلمين الذين فتحت لهم أوروبا أبوابها عن طيب خاطر و أتاحت لهم فرص العمل و التعلم و الحياة الاجتماعية الكريمة لم يحسنواالتصرف و أساءوا الى الإسلام و أفسدوا العلاقة بين الشرق و الغرب بتحولهم فجأة الى التزمت الدينى و الإسلام المظهرى الذى لا يفيد كثيرا . لم يبذلوا جهدا يذكر لإقناع الغرب بما فى الدين الحنيف من مبادىء سبق بها العالم ، و إن لم تطبق بين أبنائه .. مبادىء المساواة التامة بين البشر و" لا إكراه فى الدين" و احترام الآخر " لكم دينكم و لى دينى " و الإعلاء من شأن المرأة بمنحها الذمة المالية و حق الميراث و حق فسخ الزواج الفاسد (العصمة و الخلع ) والمشاركة فى كل ما يفيد المجتمع من أنشطة ....الخ
كل هذه القيم الرائعة غابت تماما عن المسلمين الذين هاجروا الى الغرب ، نسوا دينهم الحقيقى وتذكروا فقط جرائم الشرف و الحجاب و النقاب و الصلاة على الأرصفة فى شوارع أوروبا و ذبح الأضاحى على قارعة الطريق ..الخ
كانت رحلتى الأولى الى أوروبا عام 1969 أما الأخيرة فكانت فى أغسطس الماضى .. وعلى مدى العقود الثلاثة الماضية سافرت الى اوروبا و أمريكا العديد من المرات ، شهدت خلالها تغيرا جذريا بين المصريين و العرب الذين التقيت بهم . تراجع مظهر المسلمة و أصبحت تميز نفسها بالحجاب و الجلباب و النقاب أحيانا ، و تباعد المسلمون عن مواطنيهم المسيحيين و تفشت بين المسيحيين نبرة الغضب و التذمر و كثرة النقد لبلادهم و .. و لم الحظ أبدا تقدما فى المعرفة الدينية أو فهما لمقاصدها بين اى من الطرفين ....وهذا حديث قد أعود اليه و يضيق عنه المقام الان .
الشرقيون اليوم ( و أقصد بهم المسلمين و المسيحين عربا و غير عرب ) ليسوا على استعداد لهذه الخطوة الجبارة .. إطلاق حرية تغيير الدين ، و يكفى أن ننظر حولنا الى النموذج الوحيد الذى يتخيل البعض أنه قد طبق هذه الحرية لنكتشف أن مواطنى تلك الدولة صاروا أكثر تمسكا بمذاهبهم الدينية و طوائفهم و على استعداد للذود عنها ضد الطوائف الأخرى سواء كانت من دينهم أو من الأديان الأخرى . الولاء للمذهب أصبح فوق الولاء للوطن ، رغم التزاوج بحرية بين جميع المذاهب و الأديان .
أما عن المثقفين فحدث و لاحرج ، و لنعد قليلا الى الوراء و نتذكر اللغط الحادث فى السنوات الماضية ، لندرك أن غياب الوعى الثقافى سببه الأساسى انعدامه لدى أغلبية ضخمة ممن يتصدون لمخاطبة الناس سواء عن طريق الصحف أو التليفزيون أو مباشرة فى المساجد و الندوات و الجلسات الخاصة . و لا أشك لحظة أن أعضاء الشعب سيكونون أول من يعارض أى قانون تحاول الحكومة أن تمرره يقضى بإلغاء المادة الثانية من الدستور و يبيح حرية تغيير الدين . و أكاد أتصور " سيناريو" ما سيحدث يومها : سينبرى أغلبية ساحقة من أعضاء الحزب الحاكم للدفاع عن "عقيدتنا " ، سيغمى على عضو مستقل حزنا على الكفر الذى تفشي فى البلد و سوف يطالب البعض بإقالة رئيس الوزراء و وزير الثقافة الذى لا شك أنه وراء ذلك القانون الشيطانى ، و سيلتزم الإخوة الأقباط الصمت ، أما الأعضاء من جماعة الإخوان فسيتفرجون صامتين فرحين بما وصلوا اليه من نجاح ساحق ..
و الحديث لم ينته بعد ..فلنستكمله فى الأسبوع القادم ..
روزاليوسف السبت، 05 سبتمبر، 2009
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق