فن صناعة الفرعون اقبال بركة
نحن المصريون بارعون فى شتى الحرف و الصناعات ،
و أبرع ما نكون فى فن صناعة الفرعون ، فتلك حرفة قديمة ورثناها عن أجدادنا منذ
آلاف السنين ،و ليس من السهل انتزاعها من جيناتنا .
و قد مارسنا حرفتنا بنجاح ساحق مع كل الملوك والحكام الذين
توالوا علينا على مدى سبعة آلاف عام . يبدأ الحاكم متواضعا راغبا فى خدمة رعيته خائفا من الله رب
العالمين ، متحسبا من غدر الزمان ، فيتحلق حوله بطانة من الكهنة و حملة المباخر و المطيباتية
و غيرهم ، الذين يتبارون فى ممارسة حرفتهم ، كل حسب اختصاصه ، حتى يستوى الحاكم
فرعونا لا مثيل لجبروته و بطشه . ولاشك أن هؤلاء "المطيباتية " يفركون
أكفهم اليوم فى سعادة ، فرحين مستبشرين بقدوم حاكم جديد لمصر ، سوف يمارسون عليه
حرفتهم ، عله يغدق عليهم المناصب و العطايا بلا حساب .
و من الشائع بين المؤرخين أن حكم مصر
"لذيذ" بدليل تشبث الحكام به ، لعقود
، الى أن يقضى الله برحيلهم ، و
البركة فى المطيباتية ! والأمثلة فى تاريخنا لا تعد و لا تحصى ، فعلى سبيل المثال
اعتلى محمد على حكم مصر لمدة ثلاثة و أربعين سنة ، (1805-1848) ، و ابنه إسماعيل
حكم 16 سنة (1863-1879)و حفيده عباس الثانى 22 سنة(1892-1914) و و احمد فؤاد الأول
19 سنة (1917-1936) وفاروق 16 سنة (1936-1952 ) وحسنى مبارك 40 سنة (1981-2011)
و بعد آلاف السنين من الصبر ، انتفض الشعب المصرى
فى ثورة غير مسبوقة لكى يتخلص من الاستبداد و من كل ما يحيط به من مظاهر الفساد و
الإفساد ، فهل ستنقرض حرفة المطيباتية ..! و طقوس المطيباتية لا تختلف من عهد الى
عهد ، فتبدأ بمهرجان طبل و زمر فى استقبال
الحاكم ، أغانى و قصائد و خطب فى مديحه و الإشادة بعبقريته و نبوغه وورعه و تقواه
و شجاعته فى مبارزة الباطل و نصرة الحق و... و...
تدبيج الخطب ذات العبارات الرنانة الطنانة
ليليقيها الحاكم الجديد على الشعب ويدغدغ مشاعرهم بوعود لن تتحقق و عهود سوف
تُنقض.
و عادة مايتصدر موكب النفاق أذناب العهد
السابق ، الذين اعتلوا الصدارة عن غير حق فى العهد البائد و كل منهم على استعداد لأم
يبوس الجدم و يبدى الندم على عملته فى عهد الغنم " . و رغم أنهم يعلمون ، مثل الجميع ، أنه لم يفز بالمنصب لأنه أفنى سنوات عمره سعيا اليه ، و إنما هبط عليه من السماء عندما وضعت العراقيل فى طريق من اختارته جماعته ليجرى فى سباق الرئاسة المصرية . لم يحل محل المتسابق الأساسى لأنه أفضل رجال الجماعة ، و لكن لأنه الأكثر قربا من المرشد و من المتسابق الأساسى . لم تفز جماعته بتلك الفرصة الذهبية لأنهم قادوا ثورة على الحاكم الجبار ، بل ترددوا فى البداية و أعلنوا عدم انضمامهم للثوار ، ثم جاءتهم الفرصة على طبق من ذهب عندما تفرق الثوار وتنازعوا على الزعامة و تركوا الملعب خاليا فقفزت الجماعة و خطفت الثورة .
يبوس الجدم و يبدى الندم على عملته فى عهد الغنم " . و رغم أنهم يعلمون ، مثل الجميع ، أنه لم يفز بالمنصب لأنه أفنى سنوات عمره سعيا اليه ، و إنما هبط عليه من السماء عندما وضعت العراقيل فى طريق من اختارته جماعته ليجرى فى سباق الرئاسة المصرية . لم يحل محل المتسابق الأساسى لأنه أفضل رجال الجماعة ، و لكن لأنه الأكثر قربا من المرشد و من المتسابق الأساسى . لم تفز جماعته بتلك الفرصة الذهبية لأنهم قادوا ثورة على الحاكم الجبار ، بل ترددوا فى البداية و أعلنوا عدم انضمامهم للثوار ، ثم جاءتهم الفرصة على طبق من ذهب عندما تفرق الثوار وتنازعوا على الزعامة و تركوا الملعب خاليا فقفزت الجماعة و خطفت الثورة .
الرئيس الجديد أمضى العديد من السنوات فى سجن الدكتاتور المخلوع ، وليست
لديه أدنى خبرة فى ممارسة الحكم ، وضعته المقادير فى موقف لم يكن يحلم به و لا
يتخيل إمكانية حدوثه ..فأصبح حاكما لأعرق
و أكبر دولة إسلامية عربية ..
و هكذا وضعته الأقدار فى موقف لم يحسب له
، تماما كما سبق و فعلت بسابقه .
و على مدى شهور طويلة كان الإعلام المصرى
يتبارى بكل أجنحته الحكومية و الخاصة فى نقد الجماعة و كشف مثالبها و التحذير من
خطورة استيلائها على حكم مصر و العواقب
الوخيمة التى ستحيق بالشعب اذا ما نفذت الجماعة الى الحكم من أى ثغرة . و قد نجح
الاعلام المصرى فى بث الرعب فى قلوب المصريين ، و جاءت نتيجة انتخابات الرئاسة
معبرة عن ذلك الرعب ، ففاز المرشح المنافس الذى لا يميلون اليه كثيرا بنصف الأصوات
،فقط لأنه كانت لديه الشجاعة ليتصدى لبعبع الجماعة و يناطحهم و يوشك أن يفوز على
مرشحهم فى السباق .
و رغم كل ما حدث فقد ارتاح الجميع لفوزه ،
ليس لأنه الأفضل بين كل من سعوا الى المنصب ، و لكن لأن فوزه سينقذ مصر من فوضى
عارمة بين أتباع جماعته الذين أعلنوا بلا مواربة أنه إما أن ينصاع المصريون
لرغبتهم ( و هم أقلية ) أو يحولوا حياتهم الى جحيم !!!!!
هكذا فهم أتباع الجماعة الديمقراطية ، نحن
أو الطوفان .. و استسلم الجميع ..و فاز مرشحهم بالرئاسة ..
و بأغلبية ضئيلة جدا حظى الحاكم الجديد
على أهم و أكبر مقعد رئاسى فى الشرق الأوسط و أفريقيا و بلاد العرب .
و لسوف ينشط صناع الفرعنة فى ممارسة
حرفتهم ، وسوف ينبطحون متسابقين الى الانضمام للجماعة الحاكمة ، و تعلن نساءهم
توبتهن عن " السفور " و يرتدين الحجاب فورا ، و سوف يصبح اطلاق الذقون مودة
، و صبغ الجبهات بالزبيبة ، و امساك السبح لزوم الصنعة ، وسوف تتبارى الأبواق فى
لى الحقائق و تزييف المعلومات و غير بعيد أن يؤلفوا للحاكم الجديد تاريخا جديد .. و هكذا
إنها
حرفة تجرى فى الجينات ..!