الحكم بالعافية بقلم اقبال بركة
مالذى ستستفيده
جماعة الإخوان المسلمين من كل تهديد و الوعيد الذى ينثره أعضاؤها داخل و خارج
الوطن..؟! . إنه بالقطع يسىء إليها و يظهرها جماعة لا تعترف بالديمقراطية و لا
تفهم أصولها . و إذا كان موقفها المعلن مرارا و تكرارا " نحن .. أو الطوفان
" فما الفرق بينها و بين النظام الذى تخلصنا منه و ألقينا بزبانيته خلف القضبان
. كانوا يقولون نحن أو طوفان التطرف و الفوضى " و هو بالضبط ما يردده أنصار
حزب العدالة والحرية الذراع السياسى للإخوان المسلمون . لقد سبق و أعطى أنصار المحامى
السلفى حازم صلاح أبو اسماعيل أسوأ مثال على فهم التيار الدينى للديمقراطية .. اعتصموا و حاصروا
وزارة الدفاع و أثاروا الرعب والهلع لدى المواطنين و رفعوا شعار " حازم لازم
" الذى رددوه آلاف المرات ، و فى النهاية لم يحققوا شيئا سوى الإساءة للمرشح
و لكل الإسلاميين .
هل يبغى الإخوان أن
يحكموا مصر بالعافية ؟ هذا هو الإنطباع الذى عبرت عنه مظاهرات الملايين فى كل شوارع مدينة نصر ، الذين احتشدوا و هتفوا رافضين لى الذراع كوسيلة
للحكم . لقد فقدت جماعة الإخوان المسلمين مصداقيتها منذ تتالت على الشعب المصرى
أكاذيبهم الشهيرة . قالوا لا للهيمنة الحزبية على المجلس
التشريعى ..وسوف نكتفى بثلاثين فى المائة فقط ، و لكنهم حصلوا على ما يقرب من 70 %
من المجلسين . قالوا لن نرشح إخوانيا للرئاسة .. ثم عادوا فرشحوا اثنين واحد أساسى
و الآخر احتياطى ..وعد مرشحهم الاحتياطى باحترام الأقلية المسيحية ثم ثبت أن
أعوانه كانوا يمنعون الأقباط من التصويت ..و هلم جرا..!
من سيصدقهم بعد كل
تلك الأكاذيب ؟! هل ستصدقهم حرائر مصر الذين يرفضون الحجاب عندما أعلنوا أن الزى حرية شخصية ؟! هل ستصدق
الناشطات السياسيات وعودهم بتعيين عدة
وزيرات لا يشترط أن يكن " إخوانيات
" ؟! هل سيصدقهم الأقباط ، حتى لو أقسموا بأغلظ الإيمان ، أنهم لن يفرضوا
عليهم الجزية و لن يمنعوهم من الالتحاق بالجيش و سوف يعينون عددا منهم وزراء و فى
مناصب عليا ؟!
لقد فات الإخوان أن
الشعب المصرى قد بلغ سن الرشد يوم 25 يناير و أنه الآن يعرف الصالح من الطالح ،
ولن يلدغ من الجحر مرة ثانية أبدا . فاتهم أن العصر الحاضر الذى يستخدمون كل
آلياته و يرفضون معاييره و مبادئه ، يحاصر السياسيين بتسجيلات لأقوالهم و
تصريحاتهم حتى لو قالوها فى بلاد واق
الواق . و لو كانوا على بينة من إمكانيات
العصر الحديث فى فضح الأكاذيب و لإثبات الزيف لتابعوا ما فعلته شبكة الويكيليكس" فى الساسة فى كل أنحاء
العالم .. كشفت أكاذيبهم بالمستندات السرية و بالصور ، فلم يجد وا بدا من مطاردة رئيس
تحرير الموقع "جوليان أسانج" الأسترالى و اتهامه بالباطل بالتحرش ببعض
الغانيات السويديات .
لقد كان الكثيرون
لا يمانعون فى أن تصل جماعة الإخوان المسلمين الى الحكم ، بعد أن حررتهم الثورة
العظيمة و أطلقتهم من سجون الظلم و العزل ، فحق كل مصرى يرى فى نفسه القدرة على
خدمة بلاده أن يمكن من ذلك ، وفقا لاجتهاده . أما أن يحقق المصرى ، أيا كان
انتماؤه ، أغراضه بلى الذراع واستعداء البسطاء على القانون و الجيش والأزهر ..الخ
فهو دليل على عدم النضج و قلة الحيلة .
و هب أن هذه
الأساليب أوصلته للحكم ، فالنتيجة الحتمية
أن بسطاء الناس سيستخدمون معه نفس الأساليب التى علمها لهم ، سوف يتجرأون مثله على رموز الحكم ، و تصبح البلطجة أسوبهم فى التعامل
معه . و العقلاء المتعلمون لا بد و أن يصيبهم الفزع من و يحجمون عن انتخابه ، و
يضطرون للجوء لبديل قد لا يرضون عنه تماما
و إنما مثل الدواء المر ، شر لابد منه
لمقاومة العربدة السياسية .
لقد خسر د. محمد
مرسى كثيرا من احترام الناس عندما استسلم لبلطجية حزبه ووقف – فى مشهد كوميدى –
يلوح للجماهير معلنا فوزه بالرياسة ، فى
الفجر و بعد ست ساعات فقط من بداية الفرز الذى استمر بعد ذلك لعدة أيام .
هذا التسرع فى
الإعلان عن نتيجة لم تثبت بعد ،ينطوى على رغبة جارفة ،معجونة بعدم الثقة، فى الحكم ، وعلى عدم احترام لمؤسسات الدولة و
على فتونة واستقواء يأباهما شعب مصر الذى انتفض ثائرا فى أروع مشهد ثورى فى
التاريخ .
جماعة الإخوان
المسلمين فى حاجة الى " درس خصوصى " تتعلم فيه أصول الديمقراطية و الحكم
بالقانون .. و ليس بالعافية !
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق