هذا مقال لى نشر بجريدة
الدستور يوم 15 مارس 2008 ، أى منذ ست سنوات ، و قت أن كان رئيس التحرير
الكاتب ابراهيم عيسى !! فما أشبه الليلة
بالبارحه ! كأنى كتبته بالأمس القريب! و يقولون إن التاريخ لا يعيد نفسه !!
لا يابراهيم اقبال بركة
"نعم حماس هى السبب و أقولها
بملء الفم ..!
زعماؤها الأشاوس وضعوا أنفسهم
فى هذا الموقف الحرج و أعطوا
المتربصين الحجة التى يعللون بها اعتداءات
حكومة و جيش إسرائيل، و الضحية أولا و
أخيرا هم البسطاء الذين صدقوا وعود حماس بالجنة
و منحوها أصواتهم على أمل ..
و حتى لا تكون مثل الذى يبيع كمية بيض ثم يرفض أن يأكل منه
لأنه فاسد ، أرجو كما تسمح لنفسك بنقد الآخرين ألا تنساق وراء تلك الرغبة فى الإساءة لمن لا يتفق معك فى الرأى . نحن جميعا على ظهر
سفينة واحدة مهددة بالغرق ، بل هى تغرق فعلا و لم يبق إلا أن تستقر فى القاع . و
تبادل الاتهامات "بكراهية الدين و بالتالى " كراهية أى حركة دينية أيا
كانت و أينما كانت و بصرف النظر عن العقل
و عن سياق ماتكونه " مثل هذا الكلام
يعتبر من قبيل اللغو الشائن ، كما تفضلت ووصفت آراء من يخالفونك ، و لكنى لن أوجهه
لك لأنى أحترم قلمك و إن كنت لا أحبذ قاموسك اللغوى كثيرا . أحترم صدقك و عفويتك و إخلاصك الشديد و
أربأ بك أن تقع فى المزالق التى يقع فيها مقلدوك الُكُثر .
نحن جميعا على ظهر سفينة واحدة مهددة بالغرق ، بل
هى تغرق فعلا ، و لم يبق إلا أن تستقر فى القاع ... اتهام أحد بكراهية الدين و بالتالى كراهية أى حركة دينية ....ليس من
الإسلام فى شىء ، و لست فى حاجة لأن أذكرك بقول الحبيب المصطفى صلى الله عليه و
سلم "هلا شققت قلبه" !
لا أحد يكره الدين الإسلامى ، فليس فى جوهره الأصلى و أساسه المتين ما يمكن أن يكرهه أحد ، ما يكرهه الجميع بلا
استثناء هو تلك النباتات المتسلقة التى ترتدى قميص الدين لتخفى تحته أجسادها المتقرحة .إنه حب الدين و
ليس العكس هو الذى يدفع البعض منا الى
الهجوم على أولئك الرافعين للرايات المزيفة
و الذين يصرخون فى هيستيريا " نحن الدين و من عدانا كافر " .إنها لعبة أو بالأصح
داء أصيب به المسلمون منذ الفتنة الكبرى ،
و كراهية الدين أو الخروج عما هو معروف من الدين بالضرورة أو الزندقة ..الخ ألفاظ
ابتدعها المسلمون ليرشقوا بها مخالفيهم فى
الرأى ، و راجع تاريخ المعتزلة و الحنابلة و الخوارج و أتباع الوهابية و غيرهم .فهل سنظل نمارس هذا العبث الى الأبد
؟!
حماس مثل كل الفلسطينيين ليست
مسئولة عن الأهوال التى يلاقيها هذاالشعب الصابر
امتحانا من الله عز وجل ، و لكنها
" بدعة " أن تزعم بعض الجماعات و"الحركات" أن بأيديهم مفاتيح الفرج
، و أنهم آتون لكى يقودونا الى النصر بإذن
الله ، و أنهم وحدهم القادرون على ذلك .
من صدقهم و اتبعهم "مؤمن
" ، و من استراب فى مقاصدهم و خالفهم "كافر..! تلك هى خطيئة حماس و أمثالها ، و هى خطيئة لأنهم اذا فشلوا سقطت معهم الراية المقدسة التى يحملونها و يلوحون بها للعالم أجمع .، أما
غيرهم فيتحملون وزر أخطائهم و لابد أن يحاسبوا عليها .
كذلك أرجو أن تمحو من قاموسك ألفاظا لا تليق بكاتب له قراؤه و من يتخذونه قدوة فى الكتابة ، و بصراحة أكبر ليست من حقك . ليس من حقك أن
تنعت أفعال حكومة عربية منتخبة مثل " فتح " و معترف بها دوليا
، بأنها أفعال فى منتهى "الوطى
السياسى " ، و أن رئيسهم "رجل
الشيخوخة العربية فى السلطة الفلسطينية فى
رام الله " . أنت بذلك توجه إهانة لقطاع عريض من الفلسطينيين ، داخل فلسطين و خارجها ، و الذين يعتبرونه رئيس دولتهم ، و لم يخولوك أو أى منا بتقييم أدائه و الحكم عليه .
وأتمنى أن توجه خطابك الى هؤلاء
الحماسيين الذين يرون بقلوب باردة و عيون
غشيها حب السلطة مئات الأطفال و
النساء و الشيوخ و الشبان العزل الأبرياء
يقتلون و يجرحون يوميا و لا يطرف
لهم رمش ، و لا ترتعد ضمائرهم خوفا من الله .و أن تسأل نفسك بكل أمانة : هل تقبل لمصر أن ينقسم رئيس وزرائها ، أيا كان ، عن
الرئاسة و يستقل بمينة أو محافظة ، و يعلن العصيان بحجة أنه كان منتخبا من الشعب ، ثم يدافع
عن حقه الوهمى " بإلقاء مواطنين
من النوافذ و قتلهم بشتى الطرق ؟! أما التهمة فهى الانتماء لحزب آخر ..فهل حاكموهم ليثبتوا
إدانتهم ؟
.إذا كان الحماسيون عاجزون عن حماية مواطنيهم الى حد
الشلل التام ، فلماذا كان الانفصال والتمرد و إعلان الجمهورية الفلسطينية الغزاوية الحماسوية ..؟!
لقد كان بإمكان " الحماسيين
" أن يتمسكوا بحقهم و أن يدافعوا عن مناصبهم كحزب معترف به
بطرق سياسية يعرفها الغربيون جيدا
، و يتغاضى عنها السياسيون العرب ، وفقا
لأهوائهم ، مع تمسكهم الى حد الموت بما هو
فى صالحهم .
...أنا شخصيا من أشد المعارضين
للعلاقة بين الحكومة المصرية و إسرائيل ، و أرفض أن تتخلى مصر عن القضية الفلسطينية لأن هذا يعنى تخليها عن أمن مصر ، و عن قضية
مصرية عربية بقدر ماهى فلسطينية ، و قد سعدت بإعلان الرئيس مبارك بأنه لن يسمح
بتجويع الشعب الفلسطينى فى غزة و أرجو أن يستمر على وعده وأن يزود إخوتنا فى
فلسطين بكل ما يحتاجونه من تموين و أدوية
ووقود . هذا حقهم علينا و ليست منة نمنها عليهم ، بصفتهم خط الدفاع الأول و كتيبة الفدائيين التى تذود بصدورها و دماء شهدائها عن الحق العربى المهدر بين أبنائه قبل أن يهدره الأعداء . من
هذاالمنطلق أعتبر نفسى ممن يرفضون حماس و لا يعتبرون أفرادها أبطالا . و أرجو من منبر "
الدستور" أن ينشر رأى هذا .و ندائى لهم ( لحماس ) بأن يرحلوا عن غزة و يرحموا
سكانها و كل الشعب الفلسطينى و أن يكفوا عن إطلاق تلك الصواريخ اللعبة التى تعطى مبررا لسفاحى إسرائيل كى يردوا بأسلحة فتاكة حقيقية من صنع و تحريض الولايات المتحدة
".
إن قتل الفلسطيني للفلسطينيين عار و إحدى الكبائر التى لا تغتفر ، مهما رفعوا رايتهم المزيفة ، و مهما زعموا بأنهم إسلامييون " و غيرهم من المسلمين " كفرة ". مها
أطلقوا ذقونهم ووشموا جباههم "بالذبيبة
". مهما داعبت أصابعهم المسابح و
تمتمت شفاههم بآيات قرآنية و ارتفعت
حناجرهم مستشهدة بالأحاديث الموضوعة و الأحادية .
قد يضحكون بهذا " الديكور " على بعض الناس ، و لكنهم أبدا لن يضحكوا على التاريخ .
كتبت مقالى هذا و أرجو ألا أتهم
بالدفاع عمن تصفهم " بالحكومات
التابعة الذليلة " و " المخصية " و " الخسيسة " و " قليلة الأصل " ، فهذا ليس من
شأنى و ليس شيمتى ، إنه مجرد رأى قد ترفضه
أو تقبله ، و لن أغضب مطلقا ، فاعتزازى
بنفسى يعطينى من سعة ا لصدر ما
يجعلنى أحب خصومى أحيانا . لكن رجاء حارا
ألا تعتبر نفسك " المؤمن"
الأوحد و المدافع وحده عن الحق
العربى ، فالمهمومون بقضايا هذا الوطن
المنكوب كثيرون ، أكثر مما تتصور ، و لكن يمنعهم من التعبير عن آرائهم ذلك القاموس الذى تفشى هذه الأيام
فى المقالات الصحفية ، وكأنه رذاذ
من " مية نار " لن ينجو من
الاحتراق به أحد.".
مقال منشور بجريدة الدستور يوم 15 مارس 2008