18 يوليو 2014

ما أشبه الليلة بالبارحة


هذا مقال لى نشر بجريدة الدستور  يوم 15 مارس 2008  ، أى منذ ست سنوات ، و قت أن كان رئيس التحرير الكاتب ابراهيم عيسى  !! فما أشبه الليلة بالبارحه ! كأنى كتبته بالأمس القريب! و يقولون إن التاريخ لا يعيد نفسه !!
لا يابراهيم                          اقبال بركة 

"نعم حماس هى السبب و أقولها بملء الفم ..!
زعماؤها الأشاوس  وضعوا أنفسهم  فى هذا الموقف  الحرج و أعطوا المتربصين  الحجة التى يعللون بها اعتداءات حكومة و جيش إسرائيل، و الضحية  أولا و أخيرا هم البسطاء الذين صدقوا وعود حماس بالجنة  و منحوها أصواتهم على أمل ..
و حتى لا تكون  مثل الذى يبيع كمية بيض ثم يرفض أن يأكل منه لأنه فاسد ، أرجو كما تسمح لنفسك بنقد الآخرين ألا تنساق وراء  تلك الرغبة فى الإساءة لمن  لا يتفق معك فى الرأى . نحن جميعا على ظهر سفينة واحدة مهددة بالغرق ، بل هى تغرق فعلا و لم يبق إلا أن تستقر فى القاع . و تبادل الاتهامات "بكراهية الدين و بالتالى " كراهية أى حركة دينية أيا كانت و أينما كانت  و بصرف النظر عن العقل و عن سياق ماتكونه "  مثل هذا الكلام يعتبر من قبيل اللغو الشائن ، كما تفضلت ووصفت آراء من يخالفونك ، و لكنى لن أوجهه لك لأنى أحترم قلمك و إن كنت لا أحبذ قاموسك اللغوى  كثيرا . أحترم صدقك و عفويتك و إخلاصك الشديد و أربأ بك أن تقع فى المزالق التى يقع فيها مقلدوك الُكُثر .
نحن  جميعا على ظهر سفينة واحدة مهددة بالغرق ، بل هى تغرق فعلا ، و لم يبق إلا أن تستقر فى القاع ... اتهام أحد بكراهية الدين  و بالتالى كراهية أى حركة دينية ....ليس من الإسلام فى شىء ، و لست فى حاجة لأن أذكرك بقول الحبيب المصطفى صلى الله عليه و سلم "هلا شققت قلبه" !
لا أحد يكره  الدين الإسلامى ، فليس فى جوهره الأصلى  و أساسه المتين  ما يمكن أن يكرهه أحد ، ما يكرهه الجميع بلا استثناء هو تلك النباتات المتسلقة التى ترتدى قميص الدين  لتخفى تحته أجسادها المتقرحة .إنه حب الدين و ليس العكس هو الذى يدفع البعض منا  الى الهجوم على أولئك الرافعين للرايات المزيفة  و الذين يصرخون فى هيستيريا " نحن الدين  و من عدانا كافر " .إنها لعبة أو بالأصح داء أصيب به المسلمون  منذ الفتنة الكبرى ، و كراهية الدين أو الخروج عما هو معروف من الدين بالضرورة أو الزندقة ..الخ ألفاظ ابتدعها المسلمون ليرشقوا بها  مخالفيهم فى الرأى ، و راجع تاريخ المعتزلة و الحنابلة و الخوارج و أتباع الوهابية  و غيرهم .فهل سنظل نمارس هذا العبث الى الأبد ؟!
حماس مثل كل الفلسطينيين ليست مسئولة عن الأهوال التى يلاقيها هذاالشعب الصابر  امتحانا من الله عز وجل ،  و لكنها " بدعة " أن تزعم بعض الجماعات و"الحركات" أن بأيديهم مفاتيح الفرج ، و أنهم آتون  لكى يقودونا الى النصر بإذن الله ، و أنهم وحدهم القادرون على ذلك .  من صدقهم و اتبعهم  "مؤمن "  ، و من استراب فى مقاصدهم  و خالفهم "كافر..! تلك هى خطيئة حماس  و أمثالها ، و هى خطيئة لأنهم اذا فشلوا  سقطت معهم الراية المقدسة  التى يحملونها و يلوحون بها للعالم أجمع .، أما غيرهم فيتحملون وزر أخطائهم و لابد أن يحاسبوا عليها .
كذلك أرجو أن تمحو من قاموسك  ألفاظا لا تليق بكاتب له قراؤه  و من يتخذونه قدوة فى الكتابة  ، و بصراحة أكبر ليست من حقك . ليس من حقك أن تنعت  أفعال حكومة عربية منتخبة  مثل " فتح " و معترف بها  دوليا  ، بأنها أفعال  فى منتهى "الوطى السياسى " ، و أن رئيسهم  "رجل الشيخوخة العربية  فى السلطة الفلسطينية فى رام الله " . أنت بذلك توجه إهانة لقطاع عريض من  الفلسطينيين ، داخل فلسطين و خارجها ،  و الذين يعتبرونه رئيس دولتهم  ، و لم يخولوك أو أى منا  بتقييم أدائه و الحكم عليه .
وأتمنى أن توجه خطابك الى هؤلاء الحماسيين الذين  يرون بقلوب باردة و عيون غشيها حب السلطة  مئات الأطفال و النساء  و الشيوخ و الشبان العزل  الأبرياء  يقتلون و يجرحون يوميا  و لا يطرف لهم رمش ، و لا ترتعد ضمائرهم خوفا من الله .و أن تسأل نفسك بكل أمانة : هل تقبل  لمصر أن ينقسم رئيس وزرائها ، أيا كان ، عن الرئاسة  و يستقل بمينة أو محافظة  ، و يعلن العصيان بحجة أنه كان منتخبا من الشعب  ، ثم يدافع  عن حقه الوهمى " بإلقاء مواطنين  من النوافذ و قتلهم بشتى الطرق ؟! أما التهمة  فهى الانتماء لحزب آخر ..فهل حاكموهم ليثبتوا إدانتهم ؟
.إذا  كان الحماسيون عاجزون عن حماية مواطنيهم الى حد الشلل التام ، فلماذا كان الانفصال والتمرد و إعلان الجمهورية الفلسطينية  الغزاوية الحماسوية ..؟!
لقد كان بإمكان " الحماسيين "  أن يتمسكوا بحقهم  و أن يدافعوا عن مناصبهم  كحزب معترف به  بطرق سياسية يعرفها الغربيون  جيدا ، و يتغاضى عنها السياسيون العرب  ، وفقا لأهوائهم ، مع تمسكهم  الى حد الموت بما هو فى صالحهم .
...أنا شخصيا من أشد المعارضين للعلاقة بين الحكومة المصرية و إسرائيل ، و أرفض أن تتخلى مصر عن  القضية الفلسطينية  لأن هذا يعنى تخليها عن أمن مصر ، و عن قضية مصرية عربية بقدر ماهى فلسطينية ، و قد سعدت بإعلان الرئيس مبارك بأنه لن يسمح بتجويع الشعب الفلسطينى فى غزة و أرجو أن يستمر على وعده وأن يزود إخوتنا فى فلسطين بكل ما يحتاجونه  من تموين و أدوية ووقود . هذا حقهم علينا و ليست منة نمنها عليهم ، بصفتهم خط الدفاع الأول  و كتيبة الفدائيين التى تذود  بصدورها و دماء شهدائها  عن الحق العربى  المهدر بين أبنائه قبل أن يهدره الأعداء . من هذاالمنطلق أعتبر نفسى ممن يرفضون حماس و لا يعتبرون  أفرادها أبطالا . و أرجو من منبر " الدستور" أن ينشر رأى هذا .و ندائى لهم ( لحماس ) بأن يرحلوا عن غزة و يرحموا سكانها و كل الشعب الفلسطينى و أن يكفوا عن إطلاق تلك الصواريخ اللعبة  التى تعطى مبررا  لسفاحى إسرائيل كى يردوا بأسلحة فتاكة  حقيقية من صنع و تحريض الولايات المتحدة ".
إن قتل الفلسطيني للفلسطينيين  عار و إحدى الكبائر التى لا تغتفر  ، مهما رفعوا رايتهم المزيفة  ، و مهما زعموا بأنهم إسلامييون "  و غيرهم من المسلمين " كفرة ". مها أطلقوا ذقونهم  ووشموا جباههم "بالذبيبة ". مهما داعبت أصابعهم  المسابح و تمتمت شفاههم بآيات قرآنية  و ارتفعت حناجرهم مستشهدة  بالأحاديث الموضوعة  و الأحادية .  قد يضحكون بهذا " الديكور " على بعض  الناس ، و لكنهم  أبدا لن يضحكوا على التاريخ .
كتبت مقالى هذا و أرجو ألا أتهم بالدفاع  عمن تصفهم " بالحكومات التابعة الذليلة " و " المخصية " و " الخسيسة "  و " قليلة الأصل " ، فهذا ليس من شأنى  و ليس شيمتى ، إنه مجرد رأى قد ترفضه أو تقبله  ، و لن أغضب مطلقا  ، فاعتزازى  بنفسى يعطينى من سعة ا لصدر  ما يجعلنى أحب خصومى أحيانا .  لكن رجاء حارا ألا تعتبر نفسك  " المؤمن" الأوحد  و المدافع وحده عن الحق العربى  ، فالمهمومون بقضايا هذا الوطن المنكوب كثيرون  ، أكثر مما تتصور ،  و لكن يمنعهم من التعبير عن آرائهم  ذلك القاموس الذى تفشى  هذه الأيام  فى المقالات الصحفية  ، وكأنه رذاذ من " مية نار "  لن ينجو من الاحتراق به أحد.".

 مقال منشور بجريدة الدستور  يوم 15 مارس 2008
 
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق