9 مارس 2013


إنها ثورة الغضب .. بقلم اقبال بركة
مايجرى فى الشارع المصرى  من تدمير و حرق و هتافات صارخة و هجوم على عناصر الشرطة و المؤسسات ماهو إلا تعبير عن نوبة غضب تجتاح شباب مصر . لقد أزاحت ثورة الخامس و العشرين من  يناير  الغمامة عن عيونهم فتجلت لهم الحقائق ساطعة ..مؤلمة .  إنهم جيل بلا ماضى و لايلوح لهم فى الأفق أى مستقبل . حرمهم النظام السابق من الأحلام ، والنظام الحالى يخدعهم بالأوهام .
شباب  ثار على نظام سياسى سىء و أزاحه ، ليفاجأ بنظام أسوأ منه ..
رغم ثورة أبهرت العالم ، مر عامان ولم تتحسن الأحوال  بل زادت سوءا .ضاق الأفق وتمدد اليأس وصار الطريق سرابا ، فماذا لدي الشباب ليخسروه ؟! نظام ما بعد الثورة يكذب ويكرر الكذب بلا خجل حتى أصبح الكذب هو الحقيقة الوحيدة . عشية الثورة وعدوا الشباب  أن كل المشاكل ستُحل  و لكنها مازالت الى اليوم بلا حل .
النظام السابق ألغى حصص الهوايات التى كانت تعلم الشباب الفنون والموسيقى والآداب بحجة ضيق الميزانية ، و النظام الحالى يحاربها بدعوى أنها حرام و إلهاء عن ذكر الله ! النظامين أجهضا المواهب وتركا الشباب لفراغ الملل و ظلام الأفكار السوداء والإرهاب و التعصب .
النظام السابق كان يوزع المناصب و التعيينات على أصحاب الحظوة و المقربين ، النظام الحالى  يفرق "الأسلاب و الغنائم "  على  الإخوان و التابعين .
كان النظام السابق يعير الشعب بكثرة العيال و قلة الانتاج ، و النظام الحالى  يتهم الجميع بالكفر والخروج عن الملة ويغلق منافذ الرزق و الحرية و الفنون والسياحة ويهدد الآثار .
كان النظام السابق يرتشى من الفاسدين ليزور نتائج الانتخابات  ، و النظام الحالى يرشو المحتاجين ليزيف ارادة الشعب و  يشترى أصواتهم بزجاججات الزيت و أكياس الأرز ، بعد أن باع لهم الوهم فى "قراطيس النهضة ".
كلاهما ذبح الديمقراطية و امتص دماءها ورقص منتشيا على جثتها.
كان النظام السابق تابعا صريحا للإدارة الأمريكية ، لايخفى ولاءه لها و لا ينكره ،  و النظام الحالى أكثر خضوعا و تزلفا  بعد أن كان عدوها اللدود رغم إنكاره ذلك .
أغلب الشباب الثائر خرجوا من العشوائيات ، من غرف مقبضة مظلمة حيث تعيش كل خمس عائلات فى شقة واحدة ، يعذبهم الظلام و العطش و يضنيهم البحث عن عمل، و بعد سبعة أشهر من ثورتهم مازالوا يعانون الظلام و الفقر و العطش ، و لا تبد لهم بادرة أمل .  
فماذا لدي الشباب ليخسروه ؟
الغضب هو الذى يشعل الحرائق فى شوارع مصر ،الغضب ممن أضاعوا فرصة ذهبية لاحت بعد الثورة ، و أهدرت ، و تبعثرت الأصوات لصالح النظام الخطأ. الغضب من القوى المدنية التى انقسمت الى أحزاب و تيارات و جبهات ، و شتتت الشباب بين عمرو و  شفيق و حمدين و خالد ، بينما الخصوم وحدوا جهودهم و ذهبت أصواتهم لشخص واحد .
الغضب من رئيس وزراء كالقرد الهندى لا يرى و لا يسمع و لا يتكلم ، و يوزع ابتسامات بلهاء على الكاميرات و لسان حاله يتساءل " هو فيه إيه ؟!"
الغضب من رئيس جمهورية لا يعترف الا بجماعته و لا يخاطب سوى أهله و عشيرته ولا تحرك مشاعره أعداد الشهداء المتزايدة ، بينما يذرف الدموع على حفنة شهداء من عشيرته ذهبوا ليقتلوا المتظاهرين فقُتلوا !!
من يحرق و يدمر و و لا يهدأ شباب حرم من فرص التعليم و العمل . شباب حرم من مباهج الحياة ، لم يعرف متعة الحب و الرقص و الغناء و العزف و التذوق الفنى و وأجهضت أحلامه بغد أفضل و حياة تمنحه ما هتف به أول الثورة : عيش حرية عدالة اجتماعية ..
 شبابنا لم يتعلم كيف يعبر عن رأيه و بأى الوسائل الصحيحة ينفس عن غضبه ، فلما نزعت سدادة الكبت ، انفجر ..!  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق