عزيزى الأستاذ صديق
هارونى
الكاتب المرموق فى جريدة
تورنتو ستار ، كندا
قرأت العديد من المقالات و الافتتاحيات التى كتبها كتاب غربيون ، و كانت
كلها أو أغلبها تلعب على نفس الوتر و تردد ما تشيعه القناة القطرية ( الجزيرة
) و من ورائها القناة العالمية BBC . و لكنى كنت أرجو بل أتمنى
أن أجد فى مقالك رؤية مختلفة و فهما أعمق للواقع المصرى على وجه
الخصوص و الإسلامى بشكل عام .
مع الاحترام العميق سأرد باختصار على بعض النقاط التي
وردت في مقالك يوم 18 أغسطس فى جريدة تورنت ستار. ، كندا ، و فيه الكثير من
التحامل على الشعب و الحكومة و الثورة و الجيش المصرى . و بما أننا التقينا كثيرا أثناء مؤتمرات منظمة القلم الدولية التى ننتمى اليها
، أنت و أنا ، و نتأثر بأفكارها ونشيع مبادئها ، فاسمح لى أن أعبر لك عن وجهة النظر
الأخرى المحجوبة عن الإعلام الغربى و التى يعتنقها الأغلبية العظمى من الشعب المصرى
الذين ساروا فى أكبر مسيرة سلمية فى التاريخ يوم 30 يونيو مو لهم مطلب واحد هو التخلص من حكم الإخوان المسلمين
.
لاشك أنك قرأت بعض أدبيات
الإخوان المسلمين و تعرفت الى أفكار قادتهم و منظريهم على مدى الثمانين عاماالماضية
. و تعرفت الى تاريخ تلك الجماعة و ما
اكتنفه من عنف و دموية و اغتيالات عدد من السياسيين قبل ثورة يوليو، وأخيرا محاولة
اغتيال ناصر. هذه الطريقة في التعامل مع الخصوم بدت واضحة خلال الحملة الانتخابية لرئاسة
الجمهورية، حيث هددوا بحرق مصر ما لم يتم انتخاب مرشحهم ، وقد نفذوا تهديداتهم
بالفعل بعد عزل مرسي.
صحيح أن الشرطة المصرية
بإيعاز من نظام الرئيس السابق مبارك استخدمت
البلطجية والعنف ضد النساء ، ليس فقط المحجبات و المنقبات ، كما تقول فى مقالك ، ولكن
كل النساء. بعد فبراير 2011 تم الاعتداء على
النساء غير المحجبات على وجه الخصوص، لأن جماعة
الإخوان المسلمين ترفض وجود المرأة في أماكن مثل المظاهرات ، فمن الأقرب للمنطق أنهم
هم الذين كانوا يهاجمون الفتيات والنساء من أجل تخويفهن من السياسة وإجبارهن على العودة
إلى بيوتهن.
تقول : في عصر ما بعد
مبارك، باشر الجيش اختبارات العذرية. وقد دافع عن هذه الممارسة الجنرال عبد الفتاح
السيسي، رئيس الدولة الفعلي الآن !!
في الواقع، أصدر الجيش
بيانا لتبرير ذلك الفعل الفاضح المرفوض بحجة حماية ضباط من أي مزاعم باغتصاب المعتقلين
الإناث. وقد نددت الناشطات السياسيات بهذا التبرير ، وحوكم الضابط المسؤول عن العمل
القذر وحكم عليه بالسجن. ولم يكن هذا الضابط هو الجنرال سيسي على الإطلاق!
تعتقد أن عددا
محدودا من البورجوازية المصرية تؤيد حركة الجيش . في الواقع الغالبية العظمى من المواطنين غير المتعلمين
الفقراء يرفضون جماعة الإخوان المسلمين ويستنكرون ممارساتهم. لقد أعطيت لهم الفرصة
لحكم البلاد بأغلبية كانت تخشى عودة النظام السابق. وفي حين كان الناس عطشى للإصلاح ينتظرون بفارغ الصبر تغييرا في السياسة انقضت سنة كاملة دون
أى تحسن فى أوضاع البلد . كان مرسي ورجاله مشغول بتوزيع المناصب بين بعضهم البعض، ظلت
الأزمة الاقتصادية تتفاقم والمشاكل تتراكم ومعدلات الجريمة والبطالة والتسرب المدرسي
فى ارتفاع . وقد نُصح مرسي من قبل أطراف عديدة بعقد انتخابات مبكرة أو بالاستجابة
لمطالب الشعب و تغيير بعض الوزراء الذين فشلوا في تحقيق أي تقدم لكنه كان مصرا على
الرفض وتجاهل الغضب المتنامي بين الناس.
قلت فى مقالك إن المصريين
ليس لديهم خبرة فى الماضي بالديمقراطية. في الواقع بدأت الديمقراطية في مصر مع أول
دستور في عام 1870. ومنذ ذلك الحين بدا المصريون يتطلعون لتحقيق الديمقراطية الحقيقية،
والتي تحققت بالفعل في بعض السنوات، لكن الحكومات المتعاقبة أحجمت عن المضي قدما وعلى
قمع الشعب . آمل أن نظرية الإخوان المسلمين
فى الديمقراطية قد اتضحت لكم ، و لم يعد ممكنا
تجاهل عدوانهم ورغبتهم في احتكار السلطة ووحشيتهم ضد خصومهم .
للأسف الشديد كل ذلك
يتم تجاهله فى وسائل الإعلام الغربية التي تركز فقط على ردود أفعال قوات الأمن.
ما أطاح بحكم مرسي لم
يكن انقلابا عسكريا، ولكن تلبية لرغبة 30 مليون
مصرى خرجوا فى مسيرات متكررة في 30 يونيو وبعدها ، وقام الجيش بأداء الدور المنوط به
في الدستور وهو حماية الشعب، من الأخطار داخليا وخارجيا. معظم وسائل الإعلام والصحافة
الغربية تتجاهل حقيقة أن المرحلة الانتقالية يرأسها قاضي (الرئيس السابق للمحكمة الدستورية)
وتم تشكيل حكومة من التكنوقراط غير العسكريين الذين تعهدوا بممارسة خارطة طريق تبدأ
بدستور متوافق عليه . وتعمل حاليا لجنة من خمسين عضوا من مختلف الاتجاهات والأحزاب
ورؤساء النقابات المهنية والعمالية على إنهائه.
ما تصفونه "سماسرة
السلطة الراسخة طويلا (الجيش وأجهزة الأمن، والقضاء، والبيروقراطية، والرأسماليون،
السياسيين في عهد مبارك)" يثبت أن غالبية المصريين يرفضون قبول حكم الاسلاميين
الذين كانوا يفوزون بالانتخابات بالتهديد والتخويف. وهددوا الناس بالذهاب الى الجحيم
اذا ما صوتوا للعلمانيين "الكفار"، واشتروا أصوات الفقراء بالقليل من المواد
التموينية .
و أؤكد لك أن الليبراليين
المصريين لم يعترفوا بالهزيمة، لأنه قد ثبت
أن مرسي فاز بالرئاسة من خلال تزوير النتيجة. و أنهم لن ينضموا أبد إلى الحرس القديم
لأنهم ببساطة كانوا من دعوا للثورة و بدأوها ، وأنهم لن يقبلوا إعادة السلطة للجيش
على الرغم من الشعبية الساحقة للفريق السيسي . اسمحوا لي أن أؤكد لكم، يا صديقى، أن
الليبراليين المصريين ليسوا ساذجين ، وأنهم
لا يفضلون حكم الجيش، وذلك ببساطة لأن الجيش ليس هوالحاكم الحالى ولن يحكم!.
فى نهاية مقالك تذكرت
الهجمات العشوائية على الكنائس القبطية وغيرها. و لاشك أنك تعرف أن الأقباط قد استُهدفوا
من قبل الإخوان المسلمين وجماعات الإسلاميين منذ عدة عقود، وطُلب من العديد منهم ترك
منازلهم! . اسمحوا لي أن أذكركم بالجرائم الوحشية التى ارتكبها أعضاء جماعة
الإخوان المسلمين مؤخرا ضد المواطنين الأبرياء العزل، وإلإحراق وهدم المنشآت
الحكومية في جميع أنحاء البلاد . يجب أن تقلق بشدة على المدنيين المصريين الذين
كانوا سيتراجعون للخلف مئات السنين لو بقي حكم الإخوان .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق