23 أكتوبر 2013

مغالطات و حقائق ..

                

أمر وارد أن يسىء بعض كتاب الغرب فهم ما يجرى على أرض مصر من أحداث بعد ثورة الثلاثين من يونيو  . أما الغريب و المؤسف فهو أن يردد بعض الكتاب المصريين ما يقرأونه لأولئك الكتاب المعتمد كليا على ما يتابعوه فى قنوات معادية من أقاويل  و مغالطات .
يزعم البعض إن الرئيس المعزول الدكتورمحمد مرسى أول رئيس مصرى منتخب باسلوب ديمقراطى سليم ، و يتجاهلون كل ما نشر حول نتيجة الانتخابات من اعتراضات عديدة .  و يعزز استمرار تلك المقولة الخادعة أن السلطات المصرية لم تجر حتى اليوم أية تحقيقات جادة حول تزوير استمارات المطابع الأميرية أو عن منع القرى المسيحية من ممارسة حقهم فى التصويت ، و عن تواطؤ بعض رؤساء اللجان المؤيدين للمرشح من أعضاء جماعته ، كما لم يتم التحقيق مع رئيس لجنة الانتخابات القاضى الذى وافق على قبول ترشيح سجين هارب ، أو مرشح لحزب دينى رغم عدم اعتراف دستور ذلك الوقت ( 1971) بالأحزاب الدينية . و محالفات أخرى  لم يبت فى حقيقتها حتى اليوم لأسباب لا يعلمها الا الله !!.
و يطالب  البعض بالافراج عن كل المسجونين سياسيا على الرغم مما أذيع بالصوت و الصورة لتحريضهم على الفوضى و حرق المنشآت و العصيان فى اعتداء صارخ على هيبة الدولة ، و استهانة بسلطاتها   !
و يقال إن اغلاق بعض القنوات الفضائية يعطل حرية التعبير ، فهل  كل ما ارتكبه أصحابها من أخطاء باسم الدين حوكموا بسببها و أدينوا و يقضون اليوم عقوبتها يعتبر من حرية التعبير ؟! و هل من الحكمة ترك أصحابها ينفثون التضليل والتأويل على شعب يعانى نصفه من أمية أبجدية و النصف الآخر ، و هو الأخطر ، من أمية ثقافية ..؟!. 
و يطالب البعض بالتصالح مع جماعة الإخوان المسلمين ، كأنهم لم يروا و لم يسمعوا بما ترتكبه عناصر تنتمى اليها من قتل و تعذيب و ترويع للمواطنين  و التهجم على مؤسسات الدولة و إشاعة الفوضى فى كل محافظات مصر.
وقيل إن الأحزاب الليبرالية و اليسارية تحولت عن  المبادىء و القيم الديمقراطية كأنما كان من واجبها أن تتغاضى عن الإعلان الدستورى الشاذ الذى أصدره مرسى معلنا نفسه حاكما بأمرالله ، و أن تمتدح الإجراءات المتعجلة لأخونة الدولة واحتلال الإخوان كل مناصب صنع القرار ؟؟ أو كان عليها ( وفقا للقيم الديمقراطية ) أن تشارك فى جريمة تزييف التاريخ فى المناهج الدراسية..؟
و يقال كان يجب أن يترك الرئيس المخلوع حتى يتمم مدته ، أى حتى يتم احتلال سيناء بالكامل من قبل حماس وبعد أن يتم تسليم حلايب للسودان وبعد أن تحتضر الفنون و الموسيقى والدراما و الأدب ،  كل أشكال التحضرو المعاصرة..؟!
و لا اعتراض على مبدأ التصالح بين كل أطياف الشعب ووقف دائرة العنف بشرط أن يتم القصاص للشهداء و المصابين و تعويض أهاليهم ليس فقط بالمال بل بأحكام رادعة وإجراءات مشددة ضد كل من تسبب فى فقدانهم أغلى ما يملك الإنسان .
و لابد من إعادة تأهيل الشباب المخدوعين بالشعارات الجوفاء لجماعة الإخوان و أشباهها ، الذين يحرضون على  مواجهة غير عادلة مع أمن البلاد المدعوم من الجيش و المؤيد من الشعب و ، ومازال يُدفع بهم الى التمرد و  العصيان رغم ما فى ذلك من خطورة عليهم .
  و قيل إن الأمن كان قاسيا فى عملية فض اعتصام رابعة العدوية ، فهل كان يمكن ترك احتلال ميدان حيوى هام بالعاصمة الى الأبد ؟ و هل كان للأمن أن يتجاهل مئات الشكاوى من سكان المنطقة يطالبون بسرعة إنهاء الاعتصام . إن قادة الاعتصام هم المسئولون عن الدماء التى سُفكت و الأرواح التى أُهدرت  ،  و كان الأحرى بهم أن يراعوا حقوق و مصالح مواطنين مثلهم لهم نفس الحقوق و على الدولة تجاههم نفس الالتزامات ؟!
و قيل إن الحل الأمنى وفرض قانون الطوارىء و اصدار قانون التظاهر اجراءات  تخالف حقوق الإنسان وتضرالعدالة الانتقالية ، و هذا صحيح نظريا و لكن مصر تعيش متذ ثلاث سنوات حالة استثنائية تقتضى حلولا عاجلة  و مؤقتة لحماية مواطنيها من انتهاكات يومية فى الشوارع من بلطجة و قطع الطرق ومسيرات غير سلمية .
و هناك ملاحظات عديدة على قانون الطوارىء و لابد  من تعديله كى لا يتعدى على الحقوق الأساسية للمواطنين ،  لكن صدوره أمر حتمى لأعادة الأمن للشارع المصرى و الهيبة للدولة و ممثليها .
 إن الكتاب الأجانب الذين يواصلون الهجوم على الثورة المصرية فى المواقع الغربية لا يمكن أن يقبلوا لبلادهم ما يحدث بمصر من بلطجة و فوضى و انتهاكات لحقوق الإنسان تحت شعار حرية التعبير ، و لعلهم يتذكرون ماذا فعلت فرنسا مع حركة التمرد فى الأحياء النائية ، و ماذا فعلت شرطة نيويورك  مع متظاهرى وول ستريت و كيف واجه اردوجان اعتصام ميدان تقسيم وحديقة جيزى..الخ

 و قد نعطى بعض العذر لهؤلاء لأنهم لم يعرفوا  معاناة الملايين طوال السنة التى حكم فيها مرسى ، الذى نسى وعوده الانتخابية و تفرغ لتحقيق هدف واحد هو ارضاء و تمكين رؤسائه و زملائه ( أهله و عشيرته ) أعضاء الجماعة التى ينتمى اليها . و لكن لا عذر لأبناء مصر الذين يتجاهلون حقيقة أن الشعب المصرى اليوم هو من يمسك بالزمام و هو  المدعى العام والقاضى و الحَكَم و لن يسمح لأحد بأن يتعدى على القيم و المبادىء الديمقراطية التى قدم حياته فداء لها و لن يتخلى عنها أبدا .