23 سبتمبر 2013

Photos - Google+

Photos - Google+

اقبال بركة مع رئيس نادىالقلم الدولى و أعضاء مجلس الادارة و رؤساء اللجان .  فى مدينة ريكيافيك بأيسلاندة  سبتمبر 2013 

ياكتاب العالم حرروا الكلمة

                     

حلم بعيد المنال ، و لكنه قد يتحقق ، بعد عدة عقود أو قرون ، وعندها سوف يحكم العالم أصحاب الكلمة ، وسوف تتغير صورة العالم .
"حرروا الكلمة " نداء أطلقته منظمة القلم الدولية للكتاب و السياسيين  كى تتحرر الكلمة  ، أن يطلق سراحها ، أن تحطم الأغلال التى تكتمها فى الصدور و تحولها الى زفرات و عبرات . الكلمة طائر يحلق فى سماء العالم و لا يحط الا على أرض محبيه و عشاقه . والكلمة مسئولية يحمل وزرها من يلقيها ، شبهها الخالق عز وجل بالشجرة أصلها ثابت و فرعها فى السماء ، فإذا كانت طيبة أثمرت الخير و العكس صحيح .  و فى مدينة ريكيافيك الباردة الى حد التجمد يصبح الأدب هو الملاذ الدافىء الذى يحتضن الإنسان و تصبح الكلمة الحرة أملا فى الخلاص .
ريكيافيك عاصمة أيسلاندا، أصغر بلدان الناتو من حيث تعداد السكان والوحيدة  بدون جيش وفقاً لتقرير حرية الصحافة تمتلك أكثر صحافة حرة في العالم . وهى مدينة صغيرة تقع فى المحيط الأطسى شمال غرب بريطانيا على حدود الدائرة القطبية الشمالية عدد سكانها أقل من ثلاثمائة الف نسمة ، يعنى أصغر قليلا من حى شبرا . إلا أن أحلامهم  لاحدود لها . فهم يحلمون ، بأن يكون لمدينتهم مكان فى خريطة الشهرة و المجد ، لذلك دعوا منظمة القلم الدولية لتقيم مؤتمرها السنوى فى مدينتهم ... و بالطبع اختاروا أفضل أوقات السنة ، عندما تزورهم الشمس فى سبتمبر وتصل درجة الحرارة ليلا من سبعة الى عشر درجات فوق الصفر ، أما فى النهار فترتفع الى عشر درجات . و الشمس تتعامل معهم كالحبيبة المدللة ، قد يطول غيابها فى الشتاء أما فى الصيف فقد تبقى و لا تغيب الا لساعات قليلة . ورغم ضراوة الطبيعة و ما يتهدد السكان من براكين وظلام قد يدوم شهورا ،وبرد قارس  فقد فاز واحد من أبناء أيسلاندا 
يدعى  هالدور  لاكسنس   بجائزة نوبل للآداب عام 1955. 
  حضر المؤتمر مايقرب من أربعمائة صحفى و أديب و مترجم وشاعر وسيناريست ومؤلف مسرحى وكثيرون من عشاق القلم تحت شعار  "فلنحرر الكلمة " . اوأقيمت الجلسات فى مركز المؤتمرات و الموسيقى "هاربا " المطل مباشرة على شاطىء المحيط ، حيث تقام الحفلات الموسيقية  2008  ، والذى تم تجديده و أضيفت اليه الأوبرا منذ ثلاث سنوات فقط  . و المبنى من الخارج غريب الشكل ، فالهيكل يتكون من إطار من الصلب مكسو بألواح هندسية من الزجاج مختلف الألوان ، تتلألأ فى المساء لتعطى المكان سحرا لا يقارن .  وأثناء المؤتمر تحول " هاربا" الى ما يشبه خلية النحل ..لقاءات واجتماعات و حفلات كونسرتو وندوات استماع للشعر و القصة ..الخ لقد تحقق حلم الأيسلنديين عشاق الأدب و الموسيقى و اختارت اليونسكو عاصمة بلادهم عاصمة للثقافة .
ورغم ظروفى الصحية قبلت الدعوة لحضور المؤتمر  خاصة و أنى رئيسة لجنة المرأة بالمنظمة ، و كانت فرصة رائعة لتصحيح الصورة المشوهة التى زرعتها قناة الجزيرة و تابعتها السى إن إن فى عقول العالم حول الثورة المصرية . وفى لقاء مع عضوات لجنة الكاتبات حضره رئيس المنظمة و السكرتير الدولى شرحت ما مرت به المرأة المصرية من أزمات ومعاناة بعد ثورة الخامس و العشرين من يناير ، و طوال فترة حكم الرئيس السابق محمد مرسى . وكيف أظهر العداء لكل القوى الفاعلة و المؤثرة فى البلاد ؛ القضاء أولا ثم الصحافة ثم الإعلام والمرأة و هلم جرا ..

الأمر الغريب الذى لا يمكن تفسيره هو إهمال العرب لهذه المنظمة الهامة على الرغم مما يعانيه الكتاب من ظلم واضطهاد يصل اى حد تهديد الحياة أحيانا  فى المنطقة العربية .  فمن بين أعضاء جامعة الدول العربية لا فروع لمنظمة القلم للكتاب الا فى مصر و فلسطين و الأردن والمغرب والعراق ، و قدم اللبنانيون و السودانيون طلبين لإنشاء فروع بهما إلا أن الجهود لم تتواصل ، و لم يحضر هذا العام الا  ثلاثة وفود هم  مصر و فلسطين والعراق .  أما الأفارقة فديهم 18 فرعا للمنظمة وقد أنشأوا فرعا أفريقيا تابعا لها أطلقوا عيه إسم "بان " ، مختصر لكلمتى القلم الأفريقي .وقد فاز بعضوية مجلس ادارة المنظمة العديد منهم ، فى انتخابات مجلس الادارة للعامين القادمين تم انتخاب محمد شريف من سيراليون رئيس نادى القلم السابق  ،  وشاعر كورى  وكاتب يابانى وهو مايبين حرص الأعضاء على التنوع العرقى لمنظمتهم . وفى الأسبوع القادم أتابع ماجرى فى المؤتمر.

21 سبتمبر 2013

لغز المصريين ..


 
من العاقل ..نحن المصريون أم الكتاب الغربيين . .؟! أغلب لتحليلات الصحفية لأحداث 30 يونيو و ما بعده تواجه خلافا كبيرا بيننا و بين أغلب كتاب الصحف الغربية . هم يصرون على أن 30 يونيو انقلاب على الشرعية ، و نحن نصر على أنه تعديل لمسار الثروة ..
بعد سبعة أيام من اندلاع المظاهرات السلمية ، و تحديدا يوم 2 فبراير 2011  ، تغيرت صورة الثورة المصرية تماما . فبينما كاميرات العالم تتابع احتفالات الثوار بنجاح ثورتهم  فوجئوا بمجموعة من الشباب الذين يمتطون الجـِـمال والبغال والخيول يهجمون على المتظاهرين وهم يلوحون بالسيوف والعصي والسياط ..! مشهد غريب يشبه هجوم الهنود الحمر على الأوروبيين  فى الأفلام الأمريكية! و بعد هذا اليوم الأسود تكررت الاشتباكات بين من وصفوا بالبلطجية من ناحية ، والمتظاهرين العزل من ناحية ، و سقط عشرات القتلى بالرصاص الحي ومئات الجرحى . ثم جاءت المفاجأة الصاعقة يوم العاشر من أكتوبر 2012 وحكمت المحكمة ببرائة جميع المتهمين في موقعة الجمل ، و كلهم من رموز حكم عهد مبارك  ..!
بعدها ، ولأول مرة فى تاريخنا ، أصبح العنف هو السمة الأساسية لأحداث الثورة  .. مصريون يقاتلون مصريين .. فى إمبابة ، وفى مسرح البالون و حول مبنى التليفزيون فى أحداث ماسبيرو فى شارع محمد محمود وحول مجلس الوزراء ثم فى ستاد بورسعيد ، عنف و قسوة لم يسبق لنا أن شاهدناه فى مصر من قبل و اتهم الثوار بارتكاب أغلب الجرائم  .  و لكن إذا كانت لدى  الثوار مبررات للانتقام من مبانى عشش فيها الفساد و فاحت رائحته لتزكم الأنوف مثل مبنى الاتحاد الاشتراكى و مجلسى الشعب و الشورى و مبنى مباحث أمن الدولة ، فلماذا اقتحام المتحف المصرى ، ولماذا حرق صرح مجمع العلوم  الذى يحتوى على وثائق نادرة لن تعوض و لماذا التحرش بمكتبة الاسكندرية ..؟! هل تسللت عناصر غريبة عن الشعب المصرى الى صفوفه مدعية انتمائها للثورة ، و بدأت تمارس تلك الأعمال الإجرامية  لكى تشوه الثورة و تسىء الى الشعب المصرى كله ..؟! من هى تلك العناصر المليئة بالحقد والغل على كل ماهو مصرى ؟! 
فجأة سطعت الحقيقة مثل ضوء الشمس فى يوم صيفى قائظ ، و افتضح أمر القتلة المخربين مشعلوا الحرائق فى المتاحف و المنشآت التى يملكها الشعب ..تلك الفئة الباغية كارهة العلم و الثقافة و الأدب الذين أحرقت الهزيمة بعد الثلاثين من يونيو قلوبهم فراحوا يشعلون الحرائق فى كل محافظات مصر . و قدموا للعالم الدليل الدامغ على همجيتهم عندما أحرقوا مكتبة الكاتب العالمى هيكل التى تحوى كنوزا نادرة من الصور و الكتب و التقارير  ، فهم لا يقلون عدوانية و جهلا عن التتار الذين أحرقوا كتب بغداد و لا المتطرفين الذين أحرقوا مكتبة الإسكندرية القديمة .
حسمت جرائم الإخوان المسلمين بعد الثلاثين من يونيو الأمر و أنهت الحيرة ، إلا أن المرجفين فى الغرب أصبحوا يتهمون المصريين المؤيدين  لثورة الثلاثين من يونيو بأنهم غافلين أو مضللون ، لا يريدوا أم يصدقوا أن الجيش المصرى استجاب لنداء الشعب المصرى و تحرك ليحمى مصر و أرضها و آثارها وكنوزها و تاريخها من تتار العصر ، خوارج القرن الحادى و العشرين .
و عندما تقرأ مقالات بعض الكتاب الغربيين لا بد أن يرتفع ضغط دمك من تجاهلهم لحقائق دامغة . و هو ماحدث لى و أنا أقرأ مقالا لكاتب كندى أعرفه جيدا حول ما يحدث فى مصر تساءل فيه هل المصريون سذج  أم مضللون ؟
مثل أغلب كتاب الغرب المتحاملين على ثورة الثلاثين من يونيو  نسى ذلك الكاتب ما قاله زعماء العالم
فى مدح المصريين بعد انتصار ثورة الخامس و العشرين من يناير . نسى أو تناسى أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما قال : "يـجب أن نربي أبـناءنا ليصبحوا كشباب مصر"، وقال سيلفيو برلسكوني رئيس وزاراء إيطاليا: "لا جــديد في مصر فقد صنع المصـــريون التاريخ كالعادة" . و لم يخجل هاينز فيشر رئيس النمسا من قوله : “شعب مصر أعظم شعوب الأرض و يستحق جائزة نوبل للسلام”. أما صحيفة الجارديان البريطانية فقد وصفت الثورة " إنها أعظم ثورة فى التاريخ البشرى بأكمله..أعظم من الثورة الفرنسية والثورة الأمريكية."
بعد الثورة التصحيحية فى 30 يونيو  انقلب المدح الى قدح و امتلأت الصحف بمقالات و تحليلات تهاجم الثورة التصحيحية و تبدى حيرتها و عدم فهمها لما يحدث فى أرض الفراعنة ..! إنهم لايرون أن ما حدث ليس إنقلابا عسكريا ، و لا يثقون أن الجيش سيعود الى ثكناته بعد أن تنتهى مهمته .و إن غدا لناظره قريب ..!

4 سبتمبر 2013

و ما ذنب الكتب ؟

             
 
واحد من أخس الأعمال و أبشعها و اكثرها إجرامية  الحريق المتعمد لمكتبة و مزرعة الكاتب الكبير الأستاذ محمد حسنين هيكل . تذكرت فيلم"فهرنهايت 451" الذى أخرجه فرانسوا تروفو عام 1966و رشح لنيل جائزة الأسد الذهبى. الفيلم مأخوذ عن رواية من الخيال العلمى للكاتب راى برادبرى صدرت عام 1953 ، و قام ببطولته جولى كريستى و أوسكار فرنر ، وتدور قصته حول  نظام سياسى فاشى أضمر العداء للكتب و أمر بجمعها من البيوت و حرقها جميعا  بحجة أنها تغير العقليات و تجعل الناس يرغبون فى أن يكونوا أفضل من غيرهم ، و هذاسلوك غير اجتماعى !!. و يستسلم  الكثيرون إيثارا للسلامة و يسلموا كتبهم لفرقة الحريق التى تقوم بحرق الكتب فى الميدان العام ، إلا سيدة عجوز رفضت أن تسلم كتبها للفرقة و طالبتهم بأن يحرقوها مع كتبها ، الأمر الذى يغرى أحد رجال الحريق بأن يخفى كتابا واحدا هو رواية "ديفيد كوبرفيلد" لتشارلز ديكنز وبعد أن يقرأه يكتشف مجموعة من المواطنين جعلوا من أنفسهم كتبا حيا وآلوا على أنفسهم أن يحفظ كل منهم كتابا ليعيش فى ذاكرته و ينقله الى الأجيال القادمة  ، فينضم اليهم  و يتزعم الثورة على الفاشيين .
كراهية الكتب و الكتاب أمر شائع فى كل الثقافات ، و آفة تتصف بها كل الجماعات الفاشية و الهمجية  المعادية للإنسانية . كلهم يكرهون الكتب و يحملون حقدا دفينا على أصحابها  ابتداء من حارقى مكتبة الاسكندرية فى عهد يوليوس قيصر التى كانت أول و أقدم مكتبة عامة عرفها التاريخ ، مرورا بحرق مكتبة الشاعرً والمحدثاً والخطيب ابن حزم الأندلسي ( المتوفى سنة 456هـ/1063م). أشهر ممثلي الثقافة العربية في الأندلس .   استهدف الهمج الجاهلون مكتبات المفكرين و الفلاسفة  بالذات لأنها تذكرهم بجهلهم و عجز عقولهم عن استيعاب الجديد و العميق من الأفكار .  الفلاسفة المعتزلة لم ينجو من احراق كتبهم ، و في المغرب العربي احرق أمراء المرابطين كتب الإمام الغزالي ، و مؤخرا أحرق بلطجية الإخوان 61 كنيسة بكل مافيها من كتب و محفوظات و تراث فكرى . و القائمة طويلة و رغم ذلك استمرت شعلة الثقافة تضىء العالم كله و تزداد توهجا و لن تنطفىء  أبدا .
لن أتساءل عن السر فى الكراهية العمياء التى يضمرها أعضاء جماعة الإخوان المسلمين للكتب و الثقافة و المثقفين ، فالسبب واضح تماما ؛ إنهم لا يقرأون ! نشأوا على قراءة مجموعة محدودة من الكتب للفقهاء القدامى ، يحفظونها عن ظهر قلب كما لو كانت قرآنا أو أحاديث للرسول . و الحقيقة أنها مختارات لهؤلاء الفقهاء تم اختيارها بعناية كى توافق مذهبهم المتشدد . الأولى أن يقرأ المسلم كتاب الله و أحاديث رسوله مباشرة و لكن هؤلاء اختاروا طريقا مختصرا للدين ، و أحلوه محل النصوص الأصلية . من هنا عداءهم الشديد للكتب و الكتاب وكل ما يختلف مع عقيدتهم المتجمدة التى أصابها العطن . 
عزائى للأستاذ الكبير هيكل ، على فقدان الكنز الذى كنا نعتز به ، و لكن كنزنا الأكبر هو هيكل نفسه بذاكرته الحية و فكره المتوهج و روحه الشابة  التى لن تتأثر بهذه الجريمة الهمجية . لقد أضاء هيكل الثقافة العربية بأفكاره وكتبه التى سيخلدها الزمان ، و لا أشك فى أن حرق مكتبة الأستاذ هيكل كان ضربة قاصمة للمدافعين عن حكم الإخوان فى مصر المدعين شرعيته المتجاهلين لخطورة فكرهم الفاشى و عدوانيتهم المرعبة على مصر و تراثها الفكرى و آثارها .