18 يوليو 2014

يغور السجن و لو فى جنينة



" يغور السجن و لو فى جنينة"                      اقبال بركة

اعتقدت دائما أن الحرمان من الحرية من أقسى العقوبات على الإنسان ، و لعل هذا ما دفعنى فى بداية حياتى الصحفية لإجراء تحقيق عن غرف الحجز فى أقسام الشرطة المصرية ، بعد أن صرح لى مدير أمن القاهرة الأسبق اللواء كمال خيرالله  بزيارة عدة أقسام . و هالنى مارأيت فكتبته بالتفصيل فى تحقيق صحفى  فى مجلة " صباح الخير " أثار ضجة كبيرة و استعان به عضو مجلس الشعب آنذاك الأستاذ عبد الحليم رمضان فى استجواب لوزير الداخلية . ثم زرت سجن النساء فى القناطر كمعدة و مقدمة برامج لعمل تحقيق عن " السجانة " ، وقت أن كانت المخرجة أنعام محمد على المسئولة عن مجلة المرأة بالتليفزيون. و تكررت زيارتى لسجن النساء لتقصى الحقائق فى شكوى تلقيتها من قارئة صحبنى فيها مديره آنذاك اللواء محمد سمك فى جولة بكل أقسامه .  و رغم التطور الذى حدث مابين الزيارة الأولى و الأخيرة فلاشك أن السجن بكل أشكاله نوع من الجحيم ، وكما يقول المثل المصرى " يغور السجن و لو فى جنينة".  و منذ أن بدأت ثورة 25 يناير تم احتجاز أعداد كبيرة من الفتيات و النساء المصريات فى السجون المصرية لأسباب سياسية . و يوم 30يونيو, 2014 ( لاحظ التاريخ !) نشرت مدونة المونيتور اليومية التى تبث لكل  صحفيي العالم باللغة العربية و الانجليزية و التركية و العبرية و يحررها كتاب من كل هذه البلاد  نشرت تحقيقا تقول فيه أن 10 منظمات حقوقية مصرية تقدمت يوم الإثنين 23 يونيو ببلاغ مشترك إلى النائِب العام المَصري تطالب بسرعة التحقيق فى عشرات الحالات من التعذيب والانتهاكات الجسدية ضد النساء المحبوسيات على ذمة قضايا سياسية داخل السجون المصرية . و في حديث مع المونيتور وصف المتحدث باسم وزارة الداخلية المصرية، اللواء هاني عبد اللطيف هذه الادعاءات بأنهاعارية تماما ً من الصحة"، مؤكداً " ترحيب وزارة الداخلية المصرية بوفود من المنظمات المصرية العاملة في مجال حقوق الإنسان لزيارة السجون والتأكد من حسن معاملة السجينات وفقاً للقوانين".وشدد عبد اللطيف : " لا يوجد أي أضراب عن الطعام بين المحبوسين على ذمة القضايا".وأضاف : " فصيل الاخوان يحاول المتاجرة بقضية هؤلاء الفتيات لكن كل هذا مجرد ادعاءات".
أعرف إن الكذب عقيدة عند الإخوان المسلمين أورثوها لأبنائهم و هم يتفننون حاليا فى خداع المنظمات الحقوقية المصرية والدولية،لاستدرار عطف العالم و كسب تعاطفه مع قضيتهم الزائفة ،إلا إنى أرفض تماما أى عنفً ضد السجينات والمحتجزات ، و أطالب المسئولين باتخاذ اجراءات التحقيق في تلك الانتهاكات، والبدء فورا فى إحالة الشاكيات إلى الطب الشرعي لكتابة تقارير حول حالتهن مع توفير مناخ ومكان أمن لهؤلاء الفتيات خلال فترات الحبس الإحتياطي لحين البت في حقيقة تورطهن في أعمال الشغب والعنف والقضايا المنسوبة لهن .

اعتذار

اعتذر لأحبائى المتابعين لمدونتى عن غيابى الطويل عنهم . فآخر مدونة نشرتها هنا كانت فى شهر ابريل الماضى  و السبب  تعلل صحتى و مداومتى على زيارة الأطباء فى أكثر من نخصص )  .و الحمد لله فقد من الله على بالشفاء ( جزئيا ) و سوف أنشر كل مقالاتى التى كتبتها فى تلك الفترة تباعا  و دامت لنا مودتنا 
اقبال بركة 

ما أشبه الليلة بالبارحة


هذا مقال لى نشر بجريدة الدستور  يوم 15 مارس 2008  ، أى منذ ست سنوات ، و قت أن كان رئيس التحرير الكاتب ابراهيم عيسى  !! فما أشبه الليلة بالبارحه ! كأنى كتبته بالأمس القريب! و يقولون إن التاريخ لا يعيد نفسه !!
لا يابراهيم                          اقبال بركة 

"نعم حماس هى السبب و أقولها بملء الفم ..!
زعماؤها الأشاوس  وضعوا أنفسهم  فى هذا الموقف  الحرج و أعطوا المتربصين  الحجة التى يعللون بها اعتداءات حكومة و جيش إسرائيل، و الضحية  أولا و أخيرا هم البسطاء الذين صدقوا وعود حماس بالجنة  و منحوها أصواتهم على أمل ..
و حتى لا تكون  مثل الذى يبيع كمية بيض ثم يرفض أن يأكل منه لأنه فاسد ، أرجو كما تسمح لنفسك بنقد الآخرين ألا تنساق وراء  تلك الرغبة فى الإساءة لمن  لا يتفق معك فى الرأى . نحن جميعا على ظهر سفينة واحدة مهددة بالغرق ، بل هى تغرق فعلا و لم يبق إلا أن تستقر فى القاع . و تبادل الاتهامات "بكراهية الدين و بالتالى " كراهية أى حركة دينية أيا كانت و أينما كانت  و بصرف النظر عن العقل و عن سياق ماتكونه "  مثل هذا الكلام يعتبر من قبيل اللغو الشائن ، كما تفضلت ووصفت آراء من يخالفونك ، و لكنى لن أوجهه لك لأنى أحترم قلمك و إن كنت لا أحبذ قاموسك اللغوى  كثيرا . أحترم صدقك و عفويتك و إخلاصك الشديد و أربأ بك أن تقع فى المزالق التى يقع فيها مقلدوك الُكُثر .
نحن  جميعا على ظهر سفينة واحدة مهددة بالغرق ، بل هى تغرق فعلا ، و لم يبق إلا أن تستقر فى القاع ... اتهام أحد بكراهية الدين  و بالتالى كراهية أى حركة دينية ....ليس من الإسلام فى شىء ، و لست فى حاجة لأن أذكرك بقول الحبيب المصطفى صلى الله عليه و سلم "هلا شققت قلبه" !
لا أحد يكره  الدين الإسلامى ، فليس فى جوهره الأصلى  و أساسه المتين  ما يمكن أن يكرهه أحد ، ما يكرهه الجميع بلا استثناء هو تلك النباتات المتسلقة التى ترتدى قميص الدين  لتخفى تحته أجسادها المتقرحة .إنه حب الدين و ليس العكس هو الذى يدفع البعض منا  الى الهجوم على أولئك الرافعين للرايات المزيفة  و الذين يصرخون فى هيستيريا " نحن الدين  و من عدانا كافر " .إنها لعبة أو بالأصح داء أصيب به المسلمون  منذ الفتنة الكبرى ، و كراهية الدين أو الخروج عما هو معروف من الدين بالضرورة أو الزندقة ..الخ ألفاظ ابتدعها المسلمون ليرشقوا بها  مخالفيهم فى الرأى ، و راجع تاريخ المعتزلة و الحنابلة و الخوارج و أتباع الوهابية  و غيرهم .فهل سنظل نمارس هذا العبث الى الأبد ؟!
حماس مثل كل الفلسطينيين ليست مسئولة عن الأهوال التى يلاقيها هذاالشعب الصابر  امتحانا من الله عز وجل ،  و لكنها " بدعة " أن تزعم بعض الجماعات و"الحركات" أن بأيديهم مفاتيح الفرج ، و أنهم آتون  لكى يقودونا الى النصر بإذن الله ، و أنهم وحدهم القادرون على ذلك .  من صدقهم و اتبعهم  "مؤمن "  ، و من استراب فى مقاصدهم  و خالفهم "كافر..! تلك هى خطيئة حماس  و أمثالها ، و هى خطيئة لأنهم اذا فشلوا  سقطت معهم الراية المقدسة  التى يحملونها و يلوحون بها للعالم أجمع .، أما غيرهم فيتحملون وزر أخطائهم و لابد أن يحاسبوا عليها .
كذلك أرجو أن تمحو من قاموسك  ألفاظا لا تليق بكاتب له قراؤه  و من يتخذونه قدوة فى الكتابة  ، و بصراحة أكبر ليست من حقك . ليس من حقك أن تنعت  أفعال حكومة عربية منتخبة  مثل " فتح " و معترف بها  دوليا  ، بأنها أفعال  فى منتهى "الوطى السياسى " ، و أن رئيسهم  "رجل الشيخوخة العربية  فى السلطة الفلسطينية فى رام الله " . أنت بذلك توجه إهانة لقطاع عريض من  الفلسطينيين ، داخل فلسطين و خارجها ،  و الذين يعتبرونه رئيس دولتهم  ، و لم يخولوك أو أى منا  بتقييم أدائه و الحكم عليه .
وأتمنى أن توجه خطابك الى هؤلاء الحماسيين الذين  يرون بقلوب باردة و عيون غشيها حب السلطة  مئات الأطفال و النساء  و الشيوخ و الشبان العزل  الأبرياء  يقتلون و يجرحون يوميا  و لا يطرف لهم رمش ، و لا ترتعد ضمائرهم خوفا من الله .و أن تسأل نفسك بكل أمانة : هل تقبل  لمصر أن ينقسم رئيس وزرائها ، أيا كان ، عن الرئاسة  و يستقل بمينة أو محافظة  ، و يعلن العصيان بحجة أنه كان منتخبا من الشعب  ، ثم يدافع  عن حقه الوهمى " بإلقاء مواطنين  من النوافذ و قتلهم بشتى الطرق ؟! أما التهمة  فهى الانتماء لحزب آخر ..فهل حاكموهم ليثبتوا إدانتهم ؟
.إذا  كان الحماسيون عاجزون عن حماية مواطنيهم الى حد الشلل التام ، فلماذا كان الانفصال والتمرد و إعلان الجمهورية الفلسطينية  الغزاوية الحماسوية ..؟!
لقد كان بإمكان " الحماسيين "  أن يتمسكوا بحقهم  و أن يدافعوا عن مناصبهم  كحزب معترف به  بطرق سياسية يعرفها الغربيون  جيدا ، و يتغاضى عنها السياسيون العرب  ، وفقا لأهوائهم ، مع تمسكهم  الى حد الموت بما هو فى صالحهم .
...أنا شخصيا من أشد المعارضين للعلاقة بين الحكومة المصرية و إسرائيل ، و أرفض أن تتخلى مصر عن  القضية الفلسطينية  لأن هذا يعنى تخليها عن أمن مصر ، و عن قضية مصرية عربية بقدر ماهى فلسطينية ، و قد سعدت بإعلان الرئيس مبارك بأنه لن يسمح بتجويع الشعب الفلسطينى فى غزة و أرجو أن يستمر على وعده وأن يزود إخوتنا فى فلسطين بكل ما يحتاجونه  من تموين و أدوية ووقود . هذا حقهم علينا و ليست منة نمنها عليهم ، بصفتهم خط الدفاع الأول  و كتيبة الفدائيين التى تذود  بصدورها و دماء شهدائها  عن الحق العربى  المهدر بين أبنائه قبل أن يهدره الأعداء . من هذاالمنطلق أعتبر نفسى ممن يرفضون حماس و لا يعتبرون  أفرادها أبطالا . و أرجو من منبر " الدستور" أن ينشر رأى هذا .و ندائى لهم ( لحماس ) بأن يرحلوا عن غزة و يرحموا سكانها و كل الشعب الفلسطينى و أن يكفوا عن إطلاق تلك الصواريخ اللعبة  التى تعطى مبررا  لسفاحى إسرائيل كى يردوا بأسلحة فتاكة  حقيقية من صنع و تحريض الولايات المتحدة ".
إن قتل الفلسطيني للفلسطينيين  عار و إحدى الكبائر التى لا تغتفر  ، مهما رفعوا رايتهم المزيفة  ، و مهما زعموا بأنهم إسلامييون "  و غيرهم من المسلمين " كفرة ". مها أطلقوا ذقونهم  ووشموا جباههم "بالذبيبة ". مهما داعبت أصابعهم  المسابح و تمتمت شفاههم بآيات قرآنية  و ارتفعت حناجرهم مستشهدة  بالأحاديث الموضوعة  و الأحادية .  قد يضحكون بهذا " الديكور " على بعض  الناس ، و لكنهم  أبدا لن يضحكوا على التاريخ .
كتبت مقالى هذا و أرجو ألا أتهم بالدفاع  عمن تصفهم " بالحكومات التابعة الذليلة " و " المخصية " و " الخسيسة "  و " قليلة الأصل " ، فهذا ليس من شأنى  و ليس شيمتى ، إنه مجرد رأى قد ترفضه أو تقبله  ، و لن أغضب مطلقا  ، فاعتزازى  بنفسى يعطينى من سعة ا لصدر  ما يجعلنى أحب خصومى أحيانا .  لكن رجاء حارا ألا تعتبر نفسك  " المؤمن" الأوحد  و المدافع وحده عن الحق العربى  ، فالمهمومون بقضايا هذا الوطن المنكوب كثيرون  ، أكثر مما تتصور ،  و لكن يمنعهم من التعبير عن آرائهم  ذلك القاموس الذى تفشى  هذه الأيام  فى المقالات الصحفية  ، وكأنه رذاذ من " مية نار "  لن ينجو من الاحتراق به أحد.".

 مقال منشور بجريدة الدستور  يوم 15 مارس 2008