21 أكتوبر 2012



اطردواالمنقبات من المدارس                                  اقبال بركة
حادثة المعلمة المنقبة التى عاقبت تلميذتين لأنهما لا ترتديان الحجاب تنبهنا الى عدة حقائق غفلنا عنها طويلا . الحكاية دليل دامغ على أن الفتيات الصغيرات يرغمن قسرا على ارتداء الحجاب و بوسائل متعددة  تبدأ بالهزرا كما  اعترفت المنقبة مرورا بالسخرية و الإهانة أمام الزملاء و تنتهى بالتذنيب بقص الشعر و أمر الفتاتين بأن يدورا حول الفصل رافعتين ذراعيهما ..!!
وضح تماما أن المعلمة المنقبة كانت تستمتع بالعرض المسرحى الذى قامت به مع الفتاتين و أن المتعة انتقلت الى باقى تلاميذ الفصل  مما حفز أحدهم على أن يدعوها لقص ضفائر الفتاتين ، بل و قدم لها المقص لتقوم بذلك العقاب البدنى  اضافة للمتعة و الإثارة ! ! و لنا أن نتخيل كم الخجل و الخوف بل و الرعب الذى تعرضت له الصغيرتان فى ذلك اليوم الأسود . الدليل الذى لا يقبل الشك هو أن أغلب المنتقبات مصابات بعلل نفسية تحتاج الى علاج طويل و أنهن يسعين للانتقام من الأخريات .
و الأمر الآخر هو أن مئات الآلاف بل الملايين من فتياتنا الصغيرات يلاقين الأهوال اذا ما قاومن أهواء و رغبات الداعين الى الحجاب ، و أن الأغلبية العظمى منهن ارتدين ذلك الشىء البغيض رغما عن إرادتهن و أن الكثيرات تم عقابهن بدنيا و معنويا ، و غير بعيد عن الأذهان حكاية الوالدين اللذين قتلا ابنتهما ضربا لأنها خلعت الحجاب لدقائق ذات يوم قائظ ! و كان البمبلغ هنها شقيقها الأصغر ! و هكذا خلق الحجاب فجوة بين الإناث و الذكور و أصبح وسيلة قهر يمارسها الجميع على الأنثى دون الذكر . فأين المساواة  التى نتحدث عنها بين الذكر والأنثى  و أن الله فضل بعضهم على بعض  بالتقوى و ليس بالنوع !!  ثم تجد من يدعى أن نساء مصر اخترن الحجاب بكامل إرادتهن  !!
إن عشرات الفتيات يفقدن حياتهن كل عام  نتيجة لجريمة الختان أو لأسباب واهية مثل رفض الحجاب أو الخروج بدون إذن أو عدم الإنصياع لشقيق منحرف ..الخ
كان من الممكن أن تمر حادثة المعلمة المنقبة مثل  عشرات من الحوادث المثيلة لولا وعى الوالدين و إصرارهما على  النيل من تلك المعلمة التى أهانت الوالدين قبل أن تهين ابنتيهم , وكان لا بد أن يتخذ وزير التربية و التعليم موقفا أشد حزما من مجرد خصم شهر من راتب المعلمة و راتب مدير المدرسة السلبى الذى لم يتحرك و لم يفعل شيئا ليثبت رفضه  لذلك السلوك الشائن . الإجراء الصحيح الوحيد هو قرار بعدم  تواجد منقبات فى مدارس الأطفال إنقاذا للأجيال القادمة من الإصابة بعقد نفسية و تشوهات خلقية جسيمة سيكون لها تأثيرها فى المستقبل القريب .
كيف يتلقى أبناؤنا العلم من شبح أسود لا يرون معالم وجهه و لا يعرفون إن كان يكشر أم يبتسم أم يبكى ..!!
لقد خلق الله الوجه و منحه الجمال و الجاذبية و جعل منه مرآة للروح ، يعكس كل ما يعتريها من أحاسيس ومشاعر ، و جعل من العينين جوهرتين تشعان بالمعانى و تفصحان بما قد تعجز عنه الألسنة . إن لغة العيون وسيلة من وسائل التعبير البشرى التى منحها لنا الخالق عز وجل كى يسمو بنا عن مرتبة الحيوان و الجماد . و بنظرة الى إنسان ما  قد ينفتح قلبك و تنشأ علاقة من الود لا تنتى . و الفرق الأساسى بين الإنسان و سائر الحيوانات هو تعبير الوجه ..فالحيوان لا يبتسم و لا يعبس أما الإنسان فبتعبيرات وجهه يتوسل و يرفض و يعاتب و يزجر و يزدرى الى آخره  . واخفاء الوجه يحول الإنسان الى أجسد بلا روح ، فيصبح كالجماد و الحيوان  .
لا بد أن نتكاتف جميعا و نطالب بعدم وجود مدرسات منتقبات فى المدارس . فلتنتقب من تشاء بل لتدفن نفسها  بالحيا ، هى حرة ، أما أبناؤنا فلا بد من حمايتهم و لابد أن ينشئوا على حب الحياة و الإقبال عليها بلا خوف من أشباح تحوم حولهم و غربان تنعق فى وجوههم . إذا كنا نريد لمصر مستقبلا أفضل فلا مناص من إلحاق قطار التعليم بالعصر و لن يحدث هذا و الذين يقودونه يسعون للعودة به الى الخلف..  الى العصور المظلمة.. الى جاهلية ماقبل الإسلام ..!  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق