هذا مقال نشرته فى جريدة الدستور تحت رئاسةالزميل ابراهيم عيسى و عنوانه عيب يا بو تريكة ، و اليوم مازال ابو تريكة يثير الجدل بمواقفه المتعصبة و انحيازه للتيار الدينى المتعصب
عيب يا أبو تريكة .... بقلم اقبال بركة
قرأت مقالا تحت عنوان ،" الجمهور يتعاطف مع أبو تريكة مجددا و يرفع شعار " يا رافع
راسنا فى عصر الذل " . أما كيف رفع
أبو تريكة راسنا فلأنه انسحب من
الحفل لحظة صعود الفنانة نانسى عجرم للغناء فى حفل تكريم أبطال الكأس الأفريقى . فلماذا
انسحب أبو تريكة من الحفل ؟ هل لأنه لا يحب نانسى عجرم بالذات ، أم لأنه لا يحب
الغناء بشكل عام ..؟ و هل أبو تريكة لا يحب الغناء لأنه محروم من حاسة التذوق
الفنى ، أم لأن الغناء حرام و طبعا الموسيقى حرام و الفن كله ، بالمرة ، حرام ؟!!
ويأتينا الرد من كاتب المقال الذى لم يذكر إسمه ، و بإعجاب شديد " ما فعله أبو تريكة مع نانسى عجرم ، الذى ترك حفلها و رحل لم تكن المرة الأولى فقد سبق وكرر هذا الموقف فى أكثر من احتفالية ، و كان آخرها رحلة دبى الأخيرة حيث رفض التواجد فى المكان المخصص له أثناء قيام المطرب سعد الصغير بالغناء ، و قام بالدخول الى الاستراحة للجلوس فيها بحجة التسجيل فى رسائل الإعلام الإماراتية "
ويأتينا الرد من كاتب المقال الذى لم يذكر إسمه ، و بإعجاب شديد " ما فعله أبو تريكة مع نانسى عجرم ، الذى ترك حفلها و رحل لم تكن المرة الأولى فقد سبق وكرر هذا الموقف فى أكثر من احتفالية ، و كان آخرها رحلة دبى الأخيرة حيث رفض التواجد فى المكان المخصص له أثناء قيام المطرب سعد الصغير بالغناء ، و قام بالدخول الى الاستراحة للجلوس فيها بحجة التسجيل فى رسائل الإعلام الإماراتية "
و يمتلىء المقال
إعجابا بهذا الموقف العجيب من لاعب الكرة و تشجيعا له على الإستمرار و
التمادى فيه على أساس أن مثل هذه " الحركات " تلقى كل الإعجاب من جمهور
الشارع المصرى ... و تزيد من حب الناس للاعب و يحافظ ( بها أى بالحركات ) على مكانته فى قلوبهم حتى أصبح رمزا يقسمون بإسمه و يحتفلون برؤية وجهه " يا سلام ..!!
هل وصلنا الى هذا الحد من الجليطة و قلة الذوق ، لدرجة أن
ننسحب من حفل تكريمنا لأن فنانة محبوبة و
لها شعبية كبيرة جاءت من بلدها خصيصا لتجاملنا
و تغنى ابتهاجا بفوزنا .. !!
لا و ألف لا .. لو أن
أبوتريكة فعلها عمدا فأقول له : عيب يا أبو تريكة .. و لا تصدق ما قيل من أن مثل هذه الأفعال ترفع قدرك عند
الناس .. أى ناس ..؟ إن ملايين المصريين وكل العرب يعشقون الغناء ، و يبدون
إعجابهم بالمطربين المحبوبين و من بينهم الجميلة الرقيقة نانسى عجرم . و أنت تعرف كم يدفع الشباب فى شراء الفيديو كليبات
و تذاكر حفلات المطربين و الى أى مدى
ارتفعت أجور المطربين فى الحفلات العامة و الخاصة ..
ذكرنى هذاالموقف بلاعب كرة السلة السكندرى الذى تفوق فى
تلك اللعبة ، وقاد فريق ناديه للفوز بالكأس ، ثم انتابته حالة دروشة ، و قرر هجر اللعب
بحجة أنه يلهى عن ذكر الله ، و عندما تم إقناعه أخيرا بأن الإسلام يشجع على
الرياضة و لا يطالب أتباعه بأن يتحولواجميعا الى رهبان ونساك ، عاد الىالملعب
بالشورت الشرعى ، الذى أثار العديد من النكت فى الشارع المصرى ..
ما فعله أبو تريكة لا يدخل تحت بند التدين ، و لكنه مثل الكثير من أفعالنا هذه الأيام
نوعا من " الدروشة " التى لا محل لها فى ديننا الحنيف . و أرجو
ألا يكون اللاعب الشهير ، من كثرة المديح الذى يكال له فى صحفنا عمال على بطال قد
أصيب بحب
الظهور و يفعل كل ما من شأنه أن يلفت اليه النظر و يحفز
البعض على الكتابة عنه بلا انقطاع ..
و أقول للاعب الكبير .. لقد شعرت و شعر معى الكثيرون
بالخجل من تصرفك ، عيب يا أبو تريكة ،و لتعتذر للفنانة التى أتت خصيصا لمجاملتك أنت و زملائك ، ليس لأجل
خاطركم فقط و لكن حبا فى مصر ..لقد أعجبنا بك عندما رفعت الفانلة فى إحدى
المباريات ، و قرأنا " تعاطفا مع غزة" ، أما أن تنبذ الغناء ، و تظهر
عدم احترامك للفن مجاراة لموجة التخلف الفكرى التى تكاد تغرقنا ، فهو أمر غير جدير بمصرى ولد و تربى على أرض مصر ،
التى ابتدعت الفنون ، و قدمت للعالم كله أروع الفنانين و أخلدهم فى الغناء و
الموسيقى و التمثيل و كل الفنون .. مصر التى أنجبت أم كلثوم و عبد الوهاب و محمد
عبد المطلب و عبد الحليم حافظ و محمد قنديل و شادية وليلى مراد و مئات غيرهم ممن
أسعدوا الملايين قبل أن نغرق فى موجة التشدد
الدينى و التراجع الثقافى الذى جعل بعض شبابنا يستهين بما حققه الآباء و الأجداد
من إنجازات فنية رائعة ، و ينصت لأصوات لا
هم لها سوى إزاحة مصر و كل ما تمثله من تحضر و رقى ، لكى يتصدروا هم القمة و
يفوزوا بالقيادة.
لا تنصت لتلك الأصوات المضللة ..لقد تآمرواعلى الفن
المصرى ونجحوا فى تراجع العديد من
الفنانات المصريات لكى يخلو الجو لللبنانيات و المغربيات و التونسيات و غيرهن ،
ووصل الأمر الى تكفير الرجال أيضا و الزن على عقولهم لكى يهجروا الفن
و يتمنوا لو تاب الله عليهم و توقفوا عن الغناء كما أعلن
أحدهم مؤخرا ..و صدقنى إذا قلت لك أن حصار الفن الجيد و خنقه والتحريض علىنبذه هو
الذى أفسح المجال للفن الردىء الذى يملأ الساحة الفنية ضجيجا و صخبا و يملأ جيوب
أصحابه بالملايين .و الحل ليس فى الإنسحاب علنا و بشكل استعراضى عندما يهل علينا
أى مطرب ، وإنما فى تشجيع الفن الراقى و الإقبال على كل ماهو جميل و ممتع و راقى و
إعطاء المثل لمحبينا فى الذوق و الكياسة المعروفة عن المصريين .
- نشرت فى جريدة الدستور
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق