إنها ثورة الغضب .. بقلم اقبال بركة
مايجرى فى الشارع المصرى من تدمير و حرق و هتافات صارخة و هجوم على عناصر الشرطة و المؤسسات ماهو إلا تعبير عن نوبة غضب تجتاح شباب مصر . لقد
أزاحت ثورة الخامس و العشرين من يناير الغمامة عن عيونهم فتجلت لهم
الحقائق ساطعة ..مؤلمة . إنهم جيل بلا ماضى و لايلوح لهم فى الأفق أى مستقبل
. حرمهم النظام السابق من الأحلام ، والنظام الحالى يخدعهم بالأوهام .
شباب ثار على نظام سياسى سىء و
أزاحه ، ليفاجأ بنظام أسوأ منه ..
رغم ثورة أبهرت العالم ، مر عامان ولم تتحسن الأحوال بل زادت سوءا
.ضاق الأفق وتمدد اليأس وصار الطريق سرابا ، فماذا لدي الشباب ليخسروه ؟! نظام ما بعد
الثورة يكذب ويكرر الكذب بلا خجل حتى أصبح الكذب هو الحقيقة الوحيدة . عشية الثورة
وعدوا الشباب أن كل المشاكل ستُحل و لكنها مازالت الى اليوم بلا حل .
النظام السابق ألغى حصص الهوايات التى كانت تعلم الشباب الفنون والموسيقى
والآداب بحجة ضيق الميزانية ، و النظام الحالى يحاربها بدعوى أنها حرام و إلهاء عن
ذكر الله ! النظامين أجهضا المواهب وتركا الشباب لفراغ الملل و ظلام الأفكار
السوداء والإرهاب و التعصب .
النظام السابق كان يوزع المناصب و التعيينات على أصحاب الحظوة و المقربين ،
النظام الحالى يفرق "الأسلاب و الغنائم " على الإخوان
و التابعين .
كان النظام السابق يعير الشعب بكثرة العيال و قلة الانتاج ، و النظام
الحالى يتهم الجميع بالكفر والخروج عن الملة ويغلق منافذ الرزق و الحرية و
الفنون والسياحة ويهدد الآثار .
كان النظام السابق يرتشى من الفاسدين ليزور نتائج الانتخابات ، و
النظام الحالى يرشو المحتاجين ليزيف ارادة الشعب و يشترى أصواتهم بزجاججات
الزيت و أكياس الأرز ، بعد أن باع لهم الوهم فى "قراطيس النهضة ".
كلاهما ذبح الديمقراطية و امتص دماءها ورقص منتشيا على جثتها.
كان النظام السابق تابعا صريحا للإدارة الأمريكية ، لايخفى ولاءه لها و لا
ينكره ، و النظام الحالى أكثر خضوعا و تزلفا بعد أن كان عدوها اللدود
رغم إنكاره ذلك .
أغلب الشباب الثائر خرجوا من العشوائيات ، من غرف مقبضة مظلمة حيث تعيش كل
خمس عائلات فى شقة واحدة ، يعذبهم الظلام و العطش و يضنيهم البحث عن عمل، و بعد
سبعة أشهر من ثورتهم مازالوا يعانون الظلام و الفقر و العطش ، و لا تبد لهم بادرة
أمل .
فماذا لدي الشباب ليخسروه ؟
الغضب هو الذى يشعل الحرائق فى شوارع مصر ،الغضب ممن أضاعوا فرصة ذهبية لاحت
بعد الثورة ، و أهدرت ، و تبعثرت الأصوات لصالح النظام الخطأ. الغضب من القوى
المدنية التى انقسمت الى أحزاب و تيارات و جبهات ، و شتتت الشباب بين عمرو و
شفيق و حمدين و خالد ، بينما الخصوم وحدوا جهودهم و ذهبت أصواتهم لشخص واحد .
الغضب من رئيس وزراء كالقرد الهندى لا يرى و لا يسمع و لا يتكلم ، و يوزع
ابتسامات بلهاء على الكاميرات و لسان حاله يتساءل " هو فيه إيه ؟!"
الغضب من رئيس جمهورية لا يعترف الا بجماعته و لا يخاطب سوى أهله و عشيرته
ولا تحرك مشاعره أعداد الشهداء المتزايدة ، بينما يذرف الدموع على حفنة شهداء من
عشيرته ذهبوا ليقتلوا المتظاهرين فقُتلوا !!
من يحرق و يدمر و و لا يهدأ شباب حرم من فرص التعليم و العمل . شباب حرم من
مباهج الحياة ، لم يعرف متعة الحب و الرقص و الغناء و العزف و التذوق الفنى و
وأجهضت أحلامه بغد أفضل و حياة تمنحه ما هتف به أول الثورة : عيش حرية عدالة اجتماعية
..
شبابنا لم يتعلم كيف يعبر عن
رأيه و بأى الوسائل الصحيحة ينفس عن غضبه ، فلما نزعت سدادة الكبت ، انفجر ..!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق