16 أغسطس 2013

رجب فوق صفيح ساخن

             
معذور الرئيس التركى رجب طيب إردوجان  فى ثورته ضد الشعب المصرى و  تعاميه عن المظاهرات الكاسحة التى  أطاحت بحكم الإخوان فى الثلاثين من يونيو الماضى . معذور لأنه كان ينظر الى نفسه فى مرآة الحكم الإخوانى و يغتبط بتفوقه عليهم فى كل شىء رغم تطابق استراتيجيتهما . يعلم أن الإخوان  يحلمون بإعادة الخلافة الإسلامية ، و هو ما يعنى خضوع مصر لمن يفوز بها و تراجعها الى دولة تابعة للخليفة ماعليها الا السمع و الطاعة لأحكامه مهما شذت و اختلت ، فالخروج عن طاعة الحاكم كفر و زندقة . و ذلك أمر يعززحلم رجب باستعادة أمجاد الدولة العثمانية ويسعده أن يتخيل نفسه ، إذا ما تحقق ذلك الحكم ، و هو يتقبل فروض الولاء و الطاعة من كل الشعوب  الإسلامية ، و على رأسهم ذلك الشعب المصرى شديد الثقة بنفسه و الاعتزاز بتاريخه .
جاءت ثورة يناير لتوقظ رجب من ذلك الحلم الجميل و تذكره أن حكمه أيضا على وشك السقوط .
تذكر رجب لحظات مشابهة أصابته بالذعر ، عندما كان على وشك أن يقصى من الحياة السياسية عندما اتهم بالتحريض على الكراهية الدينية عام 1998م و سُجن  و منعته الحكومة التركية آنذاك من العمل في الوظائف الحكومية ومنها الترشيح للانتخابات العامة ،  و هو الرجل الطموح المتطلع الى حكم بلاده ، فقرر ألا  يسير على درب أستاذه نجم الدين أربكان ، و انشق عن حزبه مع عدد من الأعضاء منهم عبد الله جول وقاموا بتأسيس حزب العدالة والتنمية عام 2001 . ارتدى رجب قناع " التقية " وأعلن أن الحزب الجديد "العدالة والتنمية"  سيحافظ على أسس النظام الجمهوري ولن يدخل في صدام مع القوات المسلحة التركية ، وسيسير على درب  أتاتورك لإقامة المجتمع المتحضر والمعاصر في إطار القيم الإسلامية التي يؤمن بها 99% من مواطني تركيا".
أحكم رجب وضع قناع العلمانية التى لم يؤمن بها لحظة ، و هو يغازل الدول الأوروبية  و يطالب بضم بلاده الاتحاد الأوروبى وبذل كل ما بوسعه لأن يخدع العالم الغربى  ، ويصور نفسه كحاكم ديمقراطى علمانى يمثل الوسطية الإسلامية  .
فجأة سقط القناع عن وجه رجب و أصيب بحالة من الهياج و هو يتابع السقوط المدوى لأصدقائه ( رعاياه) فى مصر . الاطاحة بحكم مرسى بتأييد الملايين ، ثم المضى قدما فى وضع الأسس السليمة للديموقراطية فى مصر أفقداه توازنه ، و بعد أن كشفت حقيقة الإخوان و افتحضت نواياهم الدموية و أسلحتهم ودمر معسكرهم فى رابعة العدوية راح يهذى و يستعدى العالم على مصر  مطالبا باللجوء الى مجلس الأمن .    
إن رجب يسير فوق صفيح ساخن  وعليه ، بعد أن فقد حلفائه فى مصر أن يحترس  من أخطر خصومه ، الكتاب الأتراك من غير المنتمين لحزب العدالة و التنمية و حلفائه، الذين يجاهرون برفضهم لسياساته ، وأعلنوا أن معايير الديمقراطية تتراجع و أن تركيا صارت سجنا كبيرا يطارد فيه كل صاحب رأى مخالف عن رأى الحكومة والسياسة الرسمية ، و  فى مارس الماضى نظم كتاب و فنانى تركيا من كل الأطياف مسيرة احتجاج توجهت الى رئيس الوزراء رجب طيب اردوجان للمطالبة بإطلاق سراح كل من  تم القبض عليه و اعتقاله بسبب كتابة مقال أو عمل فنى مع التأكيد على حرية التعبير فى تركيا ، و أعلنوا احتجاجهم على احتجاز عدد كبير من الإعلاميين و تهديد آخرين بوضعهم خلف القضبان . و خلال السنوات الخمس الماضية اعتقلت حكومة اردوجان أكثر من سبعمائة شخصية معارضة من كل المهن  . مما وضع تركيا فى المرتبة 148 من أصل 179 دولة فى مؤشر حرية الصحافة التى وضعتها منظمة مراسلون بلا حدود للعام 2011-2012 .و قد طالبوا الاتحاد الأوروبى بالضغط على حكومة حزب العدالة والتنمية من أجل وقف الانتهاكات الفظيعة لحقوق التعبير وضمان أمن الصحفيين وحرية عملهم..

فهل سيحنى رجب رأسه للعاصفة أم سيعاند و يكابر و يلحق بأصدقائه المعزولين من الإخوان .  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق