1 أغسطس 2013

الفرق بين التجربة التركية و التجربة المصرية

الفرق بين التجربة التركية و التجربة المصرية                           بقلم اقبال بركة

الفرق بين التجربة التركية و التجربة المصرية هو الفرق بين الذكاء و الغباء . و هذه حقائق لا يمكن إنكارها ، فقد وصل أردوجان للحكم بعد مسيرة طويلة و ناجحة فى السياسة وعن طريق الديمقراطية التركية الراسخة . بدأ سلم الصعود من أوله عندما انتخب عمدة لمدينة استنبول و حولها الى مدينة عصرية تضاهى أجمل المدن الأوروبية ، ثم أصبح رئيسا للوزراء و الحاكم الفعلى لتركيا .
أما محمد مرسى فقد قفز الى الرئاسة  بعد انتصار ثورة لم يشارك فيها ، و دون أن تكون له خلفية سياسية بل حامت الشكوك حول الأسلوب الذى اتخذه حزبه الوليد أثناء الانتخابات من  تزوير و رشوة للمعدمين و تلاعب فى نتيجة الآنتخابات و تهديد الناخبين بإحراق مصر و إثارة الفوضى اذا لم ينتخبوا مرشحهم ، و هو ما ينفذوه اليوم بكل همة .
فى البداية انتهج أردوجان سياسات متزنة داخلياً وخارجياً ساعدته الكاريزما السياسية التي يمتلكها فاكتسب إعجاب  معظم الأتراك ثم أغلب العرب ، و لن ننسى حركته التى حظيت  بتصفيق الإعلام الإسلامى عندما غادر منصة مؤتمر دافوس احتجاجاً على عدم اعطائه الوقت الكافي للرد على الرئيس الاسرائيلى شيمون بيريز بشأن الحرب على غزة ، وعندما ذرف الدموع تعاطفا مع جرحى غزة فى المستشفيات التركية  مما أهله للفوز بجائزة الملك فيصل  العالمية لخدمة الإسلام  لعام 2010 . و على الرغم من القفزة الاقتصادية الهائلة التى أحدثتها سياسات اردوجان لتركيا فلم يحظى بإجماع الشعب ، و أكثر المثقفين لا يخفون تخوفهم من نواياه خاصة بعد أن حول النظام السياسى الى رئاسى بدلا من برلمانى و اعتقل العديد من الكتاب و المفكرين فى سجون تركيا.
بينما فشل مرسى داخليا فلم يعيد الأمن بل أطلق سراح عتاة المجرمين و تركهم يعيثون فى البلاد فسادا و بلطجة و فتح الحدود لتتدفق عصابات مشبوهة و منبوذة فى بلادها و تسرق قوت المصريين تخرب اقتصاد البلاد حتى أوشكت مصر على الإفلاس ،  و خارجيا أثارت سياساته  استياء دول عربية كثيرة عبرت عن سعادتها بعد إزاحته بدعم الثورة المصرية معنويا و ماديا .
كوارث لا حصر لها حاقت بمصر فى فترة لا تزيد عن العام ، بينما الرئيس المعزول ظل ممعنا فى سلبيته و عناده لا يتحرك إلا بإشارة من المرشد و لا يعمل إلا لصالح أعضاء حزبه و محاسيبه و لا يرى أو يسمع أنات المواطنين و هتافاتهم التى ارتفعت فى مظاهرات اجتاحت البلاد فى سابقة لم تحدث فى التاريخ .
ورغم أن اردوجان لا يتحلى بالتسامح أو يعترف بحق الشعب فى حكم نفسه ألا أنه  انحنى أخيرا  للعاصفة التى أثارها مشروع للحكومة يرمي إلى إعادة بناء ثكنات على الطراز العثماني مع شقق، ومخازن ومتحف في حديقة تتوسط أكبر ميادين استنبول و أشهرها ، وصرّح بأن الحكومة سوف تحترم قرار القضاء ، و لو أصدرت المحكمة قرارًا لصالحها سوف يتم استطلاع آراء سكان منطقة ميدان تقسيم قبل  تنفيذ المشروع .
و لابد أن اردوجان على علم بالسياسات مرسى الخرقاء التى توالت منذ صعد الإخوان الى سدة الحكم فى أكبر وأهم بلد إسلامى عربى ، ولابد أنه قرأ الإعلان الدستورى الذى أراد به الرئيس المصرى المعزول أن يكمم الأفواه و لا بد أنه تابع مناصبة مرسى العداء لكل مؤسسات الدولة الراسخة الى الى معاداة الصحافة و الإعلام الى آخر القائمة الطويلة ..!و لكنه مثل أغلب الإسلاميين يؤمن بأن الخروج على الحاكم كفر و زندقة ، و على استعداد لأن يغض الطرف عن كل ما سبق و أكثر فى سبيل تحقيق الحلم/ الوهم  الكبير ألا و هو إستعادة الخلافة الإسلامية !!! ..!
ولاشك أن العم بديع و صحبه كانوا يكنون للرجل التركى  إعجابا شديدا ، و يسيرون على خطاه فالهدف الاستراتيجى واحد و إن تباينت بل تعارضت التكتيكات . إلا أن التلهف على السلطة،  والغفلة عن حقيقة الشعب المصرى و تاريخه جعلاهم يجرون و يقفزون كلقردة بدلا من أن يسيروا على مهل كما فعل الثعلب التركى .



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق