16 أبريل 2013



 من شابه أجداده ما ظلم 
هناك نكتة مصرية تقول أن شابا قال لصديقه : "تعرف إنك تشبه مراتى طبق الأصل .. الفرق الوحيد بينكم هو الشنب " قال الصديق مندهشا : " بس أنا ما عنديش شنب ! فرد الزوج : "مراتى بشنب"..

أغلب الظن أن  الزوجة كانت سيدة عاملة  قوية الشخصية و لعلها كانت ناشطة سياسية أيضا ، فالرجال المصريون يرون أن أى أنثى لها هذه الصفات " إمرأة مسترجلة " . حتى محرر المرأة و محاميها قاسم أمين[1] نشأ على هذا الإعتقاد ، فى كتابه الذى أصدره فى بداية حياته " المصريون "[2]   يقول "إنني لا أرى الفائدة التي يمكن أن يجنيها النساء بممارسة حرف الرجال…إن مشهد الأم المتفانية يملؤني حناناً، كما يحرك شعوري مشهد الزوجة التي تُعنى ببيتها، في حين أني لا أشعر بأية عاطفة حين أرى امرأة تهل على خطى الرجال، ممسكة كتاباً في يدها، وتهز ذراعي في عنف، وهي تصيح بي: كيف حالك يا عزيزي؟ بل لعلي أشعر بشيء غير بعيد عن النفور" ووصف ثقافة المرأة و تحدثها فى السياسة بأنها نوعا من التحذلق فقال "إنني أحتقر إدعاء النساء وتحذلقهن".
وقال قاسم أمين " كلما أردت أن أتخيل السعادة تمثلت أمامي في صورة امرأة حائزة لجمال امرأة وعقل رجل." و فى هذه الجملة انتقاص من قدر المرأة لأنها تلمح لأفضلية عقل الرجل !
و ليس ذلك بغريب عن طبائع الرجال المصريين فحتى فى التاريخ البعيد ، عندما لاحت الفرصة للملكة حتشبسوت في الأسرة ‏18‏ من الدولة الحديثة‏ كى تتبوأ عرش مصر ، رفض الكهنة بشدة ، رغم أنها كانت الوريثة الشرعية ، فما كان من حتشبسوت إلا أن ارتدت ملابس الرجال، ووضعت لحية  مستعارة حتى ترضيهم . وقد حققت حتشبسوت في بداية سنوات حكمها الكثير من الازدهار والرخاء ونعمت البلاد بالاستقرار بعد فترة من الحروب، ولكن ذلك لم يكن يشفع لها، وراح الكهنة يحرضون ابن زوجها الراحل ليطالب بالعرش ،و رغم أنها هادنته و زوجته إبنتها إلا أنه لم يكف عن التآمر عليها حتى أزاحها من طريقه .
بعد وفاة الملكة حتشبسوت عمل تحتمس الثالث على محو أثارها و حطم تماثيلها ، و لكن  و الحمد لله فشلت محاولاته لطمس معالم هذه الملكة العظيمة وإتلافها و اكتشف خبراء الآثارالكثير من المعالم الدالة على عظمة هذه الملكة من نقوش وأثار وغيرها، ومن أروع ما تم كشفه معبد الدير البحري الذي يُعتبر واحدٌ من أعظم أبنية التاريخ الفرعوني.

وطوال ما يقرب من قرن واصلت المرأة المصرية نضالها من أجل حرية بلادها و حريتها و لم تتوقف عن العطاء فى كل مجالات الحياة منذ أن شاركت فىثورة 1919 . بعد تسعين عاما من هذا الحدث الهام مازال الجدل لا يهدأ حول قضايا المرأة بين مؤيد ومعارض، وللأسف تشهد مصر تراجعا لأحوال المرأة  بعد الثورة . الأمر الذى يدل على أن الرجال العرب مازالوا يعتبرون السياسة مجالا خاصا لهم لا يجوز أن تقتحمه المرأة، و هذه أولى التحديات التى تواجها المرأة المصرية اليوم و أخطرها . فعلى الرغم من مشاركة الفتيات و النساء فى كل مراحل ثورة الخامس و العشرين من يناير 2011 ، و النجاح المبهر لهذه الثورة فى أيامها الأولى ، مازال الفكر المتوارث غائرا فى عقلية الرجال ، بل و الكثير من النساء . و قد ثبت ذلك بعد شهور قليلة من اندلاع الثورة  ، ففى الخامس والعشرين من فبراير من العام الماضى قامت قوة من الشرطة العسكرية على فض إعتصام فى قلب ميدان التحرير بالقوة ، واعتقل العديد من المعتصمين من بينهم عدد من النساء ، و تم وتوجيه إتهامات لهم بتخريب الممتلكات العامة ، وإقتيد بعضهم الى السجن الحربى ، حيث تعرضت بعض النساء لما يسمى بكشوف العذرية  


[1] قاسم محمد أمين ( / 1 ديسمبر 1863م- / 23 أبريل 1908م).( كاتب وأديب ومصلح اجتماعي وأحد مؤسسسي الحركة الوطنية في مصر وجامعة القاهرة كما يعد رائد حركة تحرير المرأة.

[2] صدر عام 1894م بالفرنسية ليرد به على هجوم الدوق الفرنسي "دار كور" على المصريين


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق