11 يوليو 2013

هذا مقال نشرته فى جريدة الدستور تحت رئاسةالزميل  ابراهيم عيسى  و عنوانه عيب يا بو تريكة ، و اليوم مازال ابو تريكة يثير الجدل بمواقفه المتعصبة و انحيازه للتيار الدينى المتعصب
عيب يا أبو تريكة .... بقلم اقبال بركة

قرأت مقالا تحت عنوان ،" الجمهور يتعاطف مع  أبو تريكة مجددا و يرفع شعار " يا رافع راسنا فى عصر الذل "  . أما  كيف رفع  أبو تريكة راسنا  فلأنه انسحب من الحفل لحظة صعود الفنانة نانسى عجرم للغناء فى حفل تكريم أبطال الكأس الأفريقى . فلماذا انسحب أبو تريكة من الحفل ؟ هل لأنه لا يحب نانسى عجرم بالذات ، أم لأنه لا يحب الغناء بشكل عام ..؟ و هل أبو تريكة لا يحب الغناء لأنه محروم من حاسة التذوق الفنى ، أم لأن الغناء حرام و طبعا الموسيقى حرام و الفن كله ، بالمرة ، حرام ؟!!
ويأتينا الرد من كاتب المقال الذى  لم يذكر إسمه ، و بإعجاب شديد " ما فعله أبو تريكة  مع نانسى عجرم ، الذى ترك حفلها و رحل  لم تكن  المرة الأولى  فقد سبق  وكرر هذا الموقف  فى أكثر من احتفالية  ، و كان آخرها  رحلة دبى  الأخيرة  حيث رفض التواجد  فى المكان  المخصص له أثناء  قيام المطرب  سعد الصغير  بالغناء  ، و قام بالدخول الى الاستراحة  للجلوس فيها  بحجة التسجيل  فى رسائل الإعلام الإماراتية "
و يمتلىء المقال  إعجابا بهذا الموقف العجيب من لاعب الكرة و تشجيعا له على الإستمرار و التمادى فيه على أساس أن مثل هذه " الحركات " تلقى كل الإعجاب من جمهور الشارع  المصرى  ... و تزيد من حب الناس للاعب  و يحافظ ( بها أى بالحركات )  على مكانته فى قلوبهم  حتى أصبح رمزا يقسمون بإسمه  و يحتفلون برؤية وجهه "  يا سلام ..!!
هل وصلنا الى هذا الحد من الجليطة و قلة الذوق ، لدرجة أن ننسحب من حفل  تكريمنا لأن فنانة محبوبة و لها شعبية  كبيرة جاءت من بلدها خصيصا لتجاملنا و تغنى  ابتهاجا بفوزنا .. !!
لا و ألف لا .. لو أن  أبوتريكة فعلها عمدا فأقول له : عيب يا أبو تريكة .. و لا تصدق  ما قيل من أن مثل هذه الأفعال ترفع قدرك عند الناس .. أى ناس ..؟ إن ملايين المصريين وكل العرب يعشقون الغناء ، و يبدون إعجابهم بالمطربين المحبوبين و من بينهم الجميلة الرقيقة نانسى عجرم  . و أنت تعرف كم يدفع الشباب فى شراء الفيديو كليبات و تذاكر حفلات  المطربين و الى أى مدى ارتفعت أجور المطربين فى الحفلات العامة و الخاصة ..
ذكرنى هذاالموقف بلاعب كرة السلة السكندرى الذى تفوق فى تلك اللعبة ، وقاد فريق ناديه للفوز بالكأس ، ثم انتابته حالة دروشة ، و قرر هجر اللعب بحجة أنه يلهى عن ذكر الله ، و عندما تم إقناعه أخيرا بأن الإسلام يشجع على الرياضة و لا يطالب أتباعه بأن يتحولواجميعا الى رهبان ونساك ، عاد الىالملعب بالشورت الشرعى ، الذى أثار العديد من النكت فى الشارع المصرى ..
ما فعله أبو تريكة لا يدخل تحت بند  التدين ، و لكنه مثل الكثير من أفعالنا  هذه الأيام  نوعا من " الدروشة " التى لا محل لها فى ديننا الحنيف . و أرجو ألا يكون اللاعب الشهير ، من كثرة المديح الذى يكال له فى صحفنا عمال على بطال قد أصيب بحب
الظهور و يفعل كل ما من شأنه أن يلفت اليه النظر و يحفز البعض على الكتابة عنه بلا انقطاع ..
و أقول للاعب الكبير .. لقد شعرت و شعر معى الكثيرون بالخجل من تصرفك ، عيب يا أبو تريكة ،و لتعتذر للفنانة التى  أتت خصيصا لمجاملتك أنت و زملائك ، ليس لأجل خاطركم فقط و لكن حبا فى مصر ..لقد أعجبنا بك عندما رفعت الفانلة فى إحدى المباريات ، و قرأنا " تعاطفا مع غزة" ، أما أن تنبذ الغناء ، و تظهر عدم احترامك للفن مجاراة لموجة التخلف الفكرى التى تكاد تغرقنا ، فهو  أمر غير جدير بمصرى ولد و تربى على أرض مصر ، التى ابتدعت الفنون ، و قدمت للعالم كله أروع الفنانين و أخلدهم فى الغناء و الموسيقى و التمثيل و كل الفنون .. مصر التى أنجبت أم كلثوم و عبد الوهاب و محمد عبد المطلب و عبد الحليم حافظ و محمد قنديل و شادية وليلى مراد و مئات غيرهم ممن أسعدوا الملايين  قبل أن نغرق فى موجة التشدد الدينى و التراجع الثقافى الذى جعل بعض شبابنا يستهين بما حققه الآباء و الأجداد من إنجازات فنية  رائعة ، و ينصت لأصوات لا هم لها سوى إزاحة مصر و كل ما تمثله من تحضر و رقى ، لكى يتصدروا هم القمة و يفوزوا بالقيادة.
لا تنصت لتلك الأصوات المضللة ..لقد تآمرواعلى الفن المصرى ونجحوا فى تراجع  العديد من الفنانات المصريات لكى يخلو الجو لللبنانيات و المغربيات و التونسيات و غيرهن ، ووصل الأمر الى تكفير الرجال أيضا و الزن على عقولهم لكى يهجروا الفن
و يتمنوا لو تاب الله عليهم و توقفوا عن الغناء كما أعلن أحدهم مؤخرا ..و صدقنى إذا قلت لك أن حصار الفن الجيد و خنقه والتحريض علىنبذه هو الذى أفسح المجال للفن الردىء الذى يملأ الساحة الفنية ضجيجا و صخبا و يملأ جيوب أصحابه بالملايين .و الحل ليس فى الإنسحاب علنا و بشكل استعراضى عندما يهل علينا أى مطرب ، وإنما فى تشجيع الفن الراقى و الإقبال على كل ماهو جميل و ممتع و راقى و إعطاء المثل لمحبينا فى الذوق و الكياسة المعروفة عن المصريين .

  • نشرت فى جريدة الدستور  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق