23 يوليو 2013

الف باء الديمقراطية

ألِف باء الديمقراطية ..                   


 قبل أن نتحدث عن التعديلات الدستورية و تفاصيلها ، و هل يتم  إحلال الدستور الحالى أم تجديده ، وهل نكتفى بتعديل بعض المواد و نترك الباقى للأجيال القادمة ، و ماهى التعديلات التى  يجب أن تحدث للمواد المزمع تغييرها.. قبل ذلك لا بد من أن  نعمل على أن تسود المجتمع المصرى ثقافة الديمقراطية ، أى أن تنتشر  بين  الشعب بكل طوائفه و فئاته  روح الانتماء للوطن و احترام كل من يعيشون على أرضه ،  وتقبل الخلاف فى الرأى كأمر طبيعى يمكن أن يفيد و لا يضر، يقدم و لا يؤخر،  و غير ذلك من القيم والمبادىء العامة التى تمهد الطريق نحو إقامة ديمقراطية حقيقية باقية و فاعلة .
وإذا تم لنا ذلك فلسوف يعتز الجميع بحقوقهم السياسية ، وسيسارع  المتميزون الى ترشيح أنفسهم للمجالس النيابية  ، وستمتلىء سرادقات الدعاية الانتخابية بكل فئات الشعب  من شيوخ و شباب ، رجالا و نساءا ،يصحبون معهم أبناءهم ليتلقوا الدرس الأول فى التمسك بحقوقهم كمواطنين ، وسستختفى ظاهرة بيع الصوت الانتخابى لمن يدفع  مقابل ملاليم ، يل سيحرص كل مواطن على التدقيق و التمحيص فى اختيار من يمثلونه فى مجلس الشعب ، و يسعى لأن يعرف كل كبيرة و صغيرة عمن سيمنحه هذا الشرف ؛ فيتعرف الى تفاصيل ماضيه و حاضره ،ويناقشه حول خططه للمستقبل و يفاوضه حول مطالب الجماعة و التزامه بالتعبير عنها داخل المجلس .... وبهذا يخلو المجلس من المشبوهين و الإنتهازيين و المهرجين و عندما  يقر  المجلس قانونا  أو يوافق على قرار ، سنلتزم به و نحترمه ،مطمئنين لمن انتدبناهم و فوضناهم فى الدفاع عن حقوقنا و اخترناهم من بين الجميع ليكونوا ألسنتنا  وعيوننا التى  تبحث عن الخطأ وترفضه و تسلط الضوء على الصواب  وتفرضه.
إذا ما تحققت الديمقراطية  على أساس "المواطنة" ، ستصبح المواطنة  فخرا واعتزازا، وستعود للمواطن مكانته ، وتسعى السلطات الثلاث الى خدمته؛ سيحفظ للسلطة القضائية هيبتها و للسلطة التشريعية شرعيتها و للسلطة التنفيذية قوتها، و لن تكون لأى منهما الغلبة على السلطات الأخرى أو الانفراد بصنع القرارات المصيرية  ..ستكون الثقة و الاحترام و التعاون متبادلين بين السلطات الثلاث وبعضهم ببعض ، و بينهم جميعا و المواطن ، مصدر شرعيتهم و رهن بقائهم و الحكم الفصل بينهم .
إن الديمقراطية سلوك و  ثقافة و  قيم قبل أن تكون تشريعات و قرارات عليا . 
و إذااعترف كل مواطن بحق المواطنين الآخرين  فى الحرية و الحياة الكريمة و المشاركة فى بناء و تنظيم المجتمع ،  ستتلاشى تدريجيا تعقيدات  كثيرة تحول حياتنا الى جحيم من جراء تدخل البعض فى حياة الآخرين ، أو  استعلاء الأغلبية القادرة على الأقلية الساكنة أو المقهورة، أو رغبة الذكور فى الهيمنة على الإناث . ستذوب الفوارق و تحل محلها الحقوق و الحريات العامة . ستختفى من حياتنا  روح التمرد و و الرغبة فى التدمير و الأنانية . إن الديمقراطية الحقيقية التى تنبع من  أعماق كل فرد فى الشعب لن تكون ترياقا سحريا يقضى على كل أوجاعنا و أمراضناالمزمنة ، و لكنها  ستكون  الأساس المتين الذى يمكن أن نبنى فوقه وطنا جديدا يحتضن الجميع و يمنحهم فرص الترقى و النمو . 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق