16 يوليو 2013

المرأة المصرية فى الوزارة الانتقالية

                

مصر اليوم مثل لاعب السيرك الذى يعبر فوق حبل رفيع ممسكا بعصا طويلة ليحافظ على توازنه . فإما أن يعبر أو يسقط من حالق ..الى الأبد ! فبعد أن أزاح شعب مصر فى الثلاثين من يونيو الكابوس السياسى الذى ظل يجثم فوق صدره آلاف السنين ، لن يجرؤ حاكم أو مسئول بعد هذا اليوم على الاستبداد أو التحكم أو التنكيل بمواطن مصرى ، و سوف يعلو صوت القانون ليحل محل الخطب الإنشائية و المواعظ المضلِلة و الفتاوى الملفَقة .
الثلاثين من يونيو ثورة شعب بكل ما تحمله هذه الكلمة من معان ، حتى و إن تخلف البعض عنها ، فلكل ثورة حركة مضادة ، و ضد كل حكم ديموقراطى أقلية معارضة .  
إن الثورات عادة ما تكون لحظة فارقة فى حياة الشعوب ، وبعد ثورة 1919 م خرجت ملايين النساء الى العمل الشريف و أثبتت الآلاف منهن جدارتهن وتفوقهن على الرجال ، فلماذا يظل سيف التقاليد و الأعراف البالية مسلطا فوق الرؤوس . لماذا تظل المرأة وحدها مكتوفة الأيدى مغمضة العينين مسلوبة الإرادة لدرجة أن تتبع من يقهرها و يرفض وجودها فى ساحة الحياة الرحيبة ؟ أتكلم عن ملايين النساء اللاتى منحن أصواتهن لمرشحين يمكن تصنيفهن كأعداء للمرأة . كيف أمنح عدوى فرصة ليتسلط على و يخنق أنفاسى و يوقف نموى ؟! قد نعذر النساء اللاتى أخطأنا فى حقهن وتركناهن يرتعن شريدات فى مجاهل الفقر و الجهل ، فما هو عذر المتعلمات ؟ لقد خرجت ملايين النساء المصريات فى كل المظاهرات التى هتفت تطالب بالحرية ، منذ السادس عشر من مارس 1919 حتى الثلاثين من يونيو 2013 ،  و لكن هناك ملايين أُخر لم يخرجن ، و اليوم نرى البعض منهن انضممن الى ساحات التضليل فى رابعة العدوية والنهضة وغيرها .
إذا كان بعض الرجال قد انضموا للثورة المضادة مدفوعين بمصالحهم الخاصة ، فماذا عن النساء ؟ لقد تجاهل الرئيس السابق المرأة فى خطاباته الأخيرة ، و كان فى هذا متسقا تماما مع أفكار الجماعة التى تربى فى أحضانها . فجماعة الإخوان لا يرون المرأة  إلا كحاملة للنسل و راعية للأسرة . فيما عدا هذا فلا دور لها و لا ضرورة لوجودها فى الحياة العامة . و فى انتخابات مجلس الشعب " المنحل"  صرح أكثر من قيادى فى الأحزاب ذات المرجعية الدينية بأنهم لم يكونوا يرغبون فى ترشيح نساء على قوائمهم ، لولا أن القانون أرغمهم على ذلك . و بالفعل كانت مجموعة النساء اللاتى رُشحن على قوائمهم صم بكم لا يعمهون. و تابعنا أداءهن فى مجلس الشورى لعل إحداهن تثبت خطأ أفكارنا و تعيد أمجاد زرقاء اليمامة و السيدة عائشة رضى الله عنها و الخنساء  وليلى الأخيلية و الشاعرات العربيات و وراويات الأحاديث النبوية ، فلم نحظى بشىء .
ثورة الخامس و العشرين من يناير و ملحقها فى 30 يونية أنصفا الشباب و أعادا لهم اعتبارهم كقوة دافعة قادرة على التغيير ، و الأمل كبير فى أن يعود الاعتبار الى المرأة بمشاركة فعالة فى الوزارة الجديدة تتحرر فيها من نظام الوزارة الوحيدة (عادة وزارة الشئون الاجتماعية) أو الوزارتين ( بإضافة وزارة الاقتصاد ) ، فالمرأة نصف المجتمع و من حقها أن تشارك فى إصلاح الإرث الفاسد الذى تركته حكومات الحزب الوطنى و الإخوان غير المأسوف عليهما .
و لعلنا لا ننسى الحديث الشريف " النساء شقلئق الرجال " و ووصف المصطفى  المؤمنين بأنهم " مثل الأخوين مثل اليدين تغسل إحداهما الأخرى "  
الفرصة متاحة للرئس الجديد والوزارة الانتقالية لأن يثبتو اختلافهم الجذرى عن الحزب الذى ثار على وزارته كل المصريين ، فلا إقصاء للمرأة و لا الأقباط و لا أى فصيل مصرى بل الاحترام و المساواة و الاستفادة من كل الكفاءات المخلصة لنعبر معا الجسر الفاصل بين الماضى المتخلف و المستقبل المشرف المضىء .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق