11 يوليو 2013

لا يابراهيم

                                                          لا يابراهيم...                                بقلم اقبال بركة

حذرت كثيرا من مغبة التسامح مع كيانات متطرفة تختفى تحت عباءة التدين و الوطنية و هذا مقال وجهته للزميل العزيز ابراهيم عيسى  نشره فى جريدة الدستور ( الأولى )  يحذر من  جماعة حماس المتطرفة و من عاقبة الانصياع لمقولة إنهم منتخبون من الشعب و لا يجب أن يتنازلوا عن الحكم . إنها الحجة الواهية و الكارت الذى يلعب به التيار الدينى هذه الأيام فى مصر 

 لا يابراهيم...                                بقلم اقبال بركة


نعم حماس هى السبب و أقولها بملىءالفم ..!
زعماؤها الأشاوس  وضعوا أنفسهم فى  هذاالموقف الحرج و أعطو المتربصين الحجة التى يعللون بها إعتداءات حكومة و جيش اسرائيل  ، و الضحية اولا و أخيرا هم البسطاء الذين  صدقوا وعود حماس بالجنة و منحوهم أصواتهم على أمل..
وحتى لا تكون مثل الذى يبيع كمية بيض ثم يرفض أن يأكل منه لأنه فاسد ،  أرجو كما تسمح لنفسك بنقد الآخرين ألا تنساق وراء تلك الرغبة فى الإساءة لمن لا يتفق معك فى الرأى . نحن جميعا على ظهر سفينة واحدة مهددة بالغرق بل هى تغرق فعلا ، و لم يبق الا أن تستقر فى القاع . و تبادل الاتهامات " بكراهية الدين  و بالتالى كراهية أى حركة دينية أيا كانت و أينما كانت  و بصرف النظر عن العقل و  عن سياق ما تكونه " . مثل هذا الكلام يمكن أن يعتبر من قبيل " اللغو الشائن " كما تفضلت ووصفت اراء من يخالفونك . و لكنى لن أوجهه لك لأنى أحترم قلمك و إن كنت لا أحبذ قاموسك اللغوى  كثيرا . أحترم صدقك و عفويتك وإخلاصك الشديد و أربأ بك أن تقع فى المزالق التى يقع فيها مقلدوك الكثر .
إتهام أحد بكراهية الدين ليس من الإسلام فى شىء ، و لست فى حاجة لأن أذكرك بقول الحبيب المصطفى " هلا شققت قلبه " !
لا أحد يكره الدين الإسلامى ، إذا كان هذا ما تعنيه ، فليس فى جوهره الأصلى وأساسه المتين ما يمكن  أن يكرهه أحد . ما يكرهه الجميع بلا استثناء هو  تلك النباتات المتسلقة التى ترتدى  قميص الدين لتخفى تحته أجسادها المتقرحه . إنه حب الدين و ليس العكس هو الذى يدفع البعض منا الى الهجوم على اولئك الرافعين للرايات المزيفة الذين يصرخون فى هيستيريا : نحن الدين ومن عدانا كافر .. إنها لعبة أو بالأصح داء أصيب به المسلمون منذ الفتنة الكبرى ، و كراهية الدين أو الخروج عما هو معروف من الدين بالضرورة أو الزندقة ..و ألفاظ أخرى لا مكان لها هنا ، ابتدعها المسلمون ليرشقوابها مخالفيهم فى الرأى . وراجع تاريخ المعتزلة و الحنابلة و الخوارج وأتباع الوهابية و غيرهم  لتدرك ما أعنيه ..
فهل سنظل نمارس هذاالعبث الى الأبد ..!
حماس ، مثل كل الفلسطينيين ، ليست مسئولة عن الأهوال التى يلاقيهاهذا الشعب الصابر امتحانا من الله عز و جل ، و لكنها بدعة  أن تزعم بعض الجماعات و "الحركات" أن بأيديهم مفاتيح الفرج ، و أنهم آتون لكى يقودونا الى النصر بإذن الله ، و هم وحدهم القادرون على ذلك ..من صدقهم و اتبعهم "مؤمن" ، ومن استراب فى مقاصدهم و خالفهم "كافر"..! تلك هى خطيئة حماس و أمثالها ، و هى خطيئةلأنهم إذا فشلوا سقطت معهم الراية المقدسة التى يحملوها و يلوحون بها للعالم أجمع ،  أما غيرهم فيتحملون وحدهم وزر أخطائهم ولا بد أن يحاسبوا عليها.  
كذلك أتمنى أن تمحو من قاموسك ألفاظ لا تليق بكاتب له قراؤه و من يتخذونه قدوة فى الكتابة ، وهى بصراحةأكبر ليست من حقك ، ليس من حقك أن تنعت أفعال حكومة عربية منتخبة ( مثل حماس ) من الشعب و معترف بها دوليا ، بأنها أفعال " فى منتهى الوطى السياسى " ، وأن رئيسهم رجل الشيخوخة العربية فى السلطة الفلسطينية فى رام الله " أنت بذلك توجه إهانة الى قطاع  عريض من الفلسطينيين داخل فلسطين و خارجها  ، الذين يعتبرونه رئيس دولتهم ، و لم يخولوك أو أى منا بتقييم أدائه و الحكم عليه .
و أتمنى أن توجه خطابك الى هؤلاء "الحماسيين" الذين يرون بقلوب باردة وعيون غشيها حب السلطة مئات الأطفال و النساء و الشيوخ و الشبان العزل الأبرياء يقتلون و يجرحون يوميا و لا يطرف لهم رمش ، و لا ترتعد ضمائرهم خوفا من الله . و أن تسأل نفسك بكل أمانة : هل تقبل لمصر أن ينقسم رئيس وزرائها ، أيا كان ، على الرئاسة و يستقل بمدينة أو محافظة ، ويعلن العصيان بحجة أنه كان منتخبا من الشعب ، ثم يدافع عن حقه " الوهمى " بإلقاء مواطنين من النوافذ وقتلهم بشتى الطرق ..؟أما التهمة فهى الإنتماء لحزب آخر .. فهل حاكموهم ليثبتوا إدانتهم ..؟
إذا ما كان " الحماسيون" عاجزون عن  حماية مواطنيهم الى حد الشلل التام ، فلماذا كان الإنفصال والتمرد و إعلان الجمهورية الفلسطينة الغزاوية الحماسية "...؟
لقد كان بإمكان "الحماسيين" أن يتمسكوا بحقهم ، وأن يدافعوا عن مناصبهم ، كحزب معترف به بطرق سياسية يعرفها الغربيون  جيدا و يتغاضى عنها السياسيون العرب ، وفقا لأهوائهم ، مع تمسكهم الى حد الموت  بما هو فى صالحهم .
أنا شخصيا من أشد المعارضين للعلاقة  بين  الحكومة المصرية و اسرائيل  ،وأرفض أن تتخلى مصر عن القضية الفلسطينية ، لأن هذا يعنى تخليها عن أمن مصر ، و عن قضية مصرية عربية بقدر ماهى فلسطينية و ربما اكثر . و لقد سعد الجميع بإعلان الرئيس مبارك  أنه لن يسمح بتجويع الشعب الفلسطينى فى غزة ، وأرجو أن يستمر على وعده هذا و أن يزود إخوتنا فى فلسطين بكل ما يحتاجون اليه من تموين و أدوية ووقود..الخ هذا حقهم علينا، و ليست منة نمنها عليهم ، بصفتهم خط الدفاع الأول و كتيبة الفدائيين التى تزود بصدورها ودماء شهدائها عن الحق العربى المهدر بين أبنائه  قبل أن يهدر بين أعدائه ..
من هذا المنطلق أعتبر نفسى ممن يرفضون حماس و لا يعتبرون أفرادها أبطالا  . و أرجو من منبر " الدستور" الحر أن ينشر رأى هذا و ندائى لهم بأن يرحلوا عن غزة ويرحموا سكانها  و كل الشعب الفلسطينى ، وأن يكفوا عن إرسال تلك الصواريخ "اللعبة " التى  تعطى مبررا لسفاحى إسرائيل كى يردوا بأسلحة فتاكة " حقيقية" من صنع وتحريض الولايات المتحدة الأمريكية ..
إن قتل الفلسطينى للفلسطينى عار و إحدى الكبائر التى لن يغفرها الله ، مهما رفعوا راياتهم المزيفة ، و مهما زعموا بأنهم " إسلاميين" وغيرهم من المسلمين " كفرة"
مهما أطلقوا ذقونهم ووشموا جباههم "بالذبيبة"  .مهما داعبت أصابعهم المسابح و تمتمت شفاههم بالآيات القرآنية وارتفعت حناجرهم مستشهدة بالأحاديث الموضوعة والأحادية . قد يضحكون ( بهذا الديكور) على بعض الناس و لكنهم أبدا لن يضحكوا على التاريخ ..
كتبت مقالى هذاو أرجو ألا أتهم بالدفاع عمن تصفهم بالحكومات " التابعة" " الذليلة" و "المخصية" و"الخسيسة" و" قليلة الأصل" فهذا ليس من شأنى و ليست شيمتى ، إنه مجرد رأى قد ترفضه أو تقبله ، ولن أغضب مطلقا ، فاعتزازى بنفسى يعطينى من سعة الصدر ما يجعلنى أحب خصومى أحيانا . لكن  رجاءا حارا ألا تعتبر نفسك  "المؤمن" الأوحد و المدافع وحده عن الحق العربى ، فالمهمومون بقضايا هذا الوطن المنكوب كثيرون ، أكثر مما تتصور ، ولكن يمنعهم من التعبير عن آرائهم ذلك القاموس الذى تفشى هذه الأيام فى المقالات الصحفية ، وكأنه رذاذ من "ماية نار" لن ينجو من الاحتراق به أحد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق