لا يابراهيم... بقلم اقبال بركة
حذرت كثيرا من مغبة التسامح مع كيانات متطرفة تختفى تحت عباءة التدين و الوطنية و هذا مقال وجهته للزميل العزيز ابراهيم عيسى نشره فى جريدة الدستور ( الأولى ) يحذر من جماعة حماس المتطرفة و من عاقبة الانصياع لمقولة إنهم منتخبون من الشعب و لا يجب أن يتنازلوا عن الحكم . إنها الحجة الواهية و الكارت الذى يلعب به التيار الدينى هذه الأيام فى مصر
لا يابراهيم... بقلم اقبال بركة
نعم حماس هى السبب و أقولها بملىءالفم ..!
زعماؤها الأشاوس وضعوا أنفسهم فى هذاالموقف الحرج و أعطو المتربصين الحجة التى
يعللون بها إعتداءات حكومة و جيش اسرائيل ، و الضحية اولا و أخيرا هم البسطاء الذين صدقوا وعود حماس بالجنة و منحوهم أصواتهم على
أمل..
وحتى لا تكون مثل الذى يبيع كمية بيض ثم يرفض
أن يأكل منه لأنه فاسد ، أرجو كما تسمح
لنفسك بنقد الآخرين ألا تنساق وراء تلك الرغبة فى الإساءة لمن لا يتفق معك فى
الرأى . نحن جميعا على ظهر سفينة واحدة مهددة بالغرق بل هى تغرق فعلا ، و لم يبق
الا أن تستقر فى القاع . و تبادل الاتهامات " بكراهية الدين و بالتالى كراهية أى حركة دينية أيا كانت و
أينما كانت و بصرف النظر عن العقل و عن سياق ما تكونه " . مثل هذا الكلام يمكن
أن يعتبر من قبيل " اللغو الشائن " كما تفضلت ووصفت اراء من يخالفونك .
و لكنى لن أوجهه لك لأنى أحترم قلمك و إن كنت لا أحبذ قاموسك اللغوى كثيرا . أحترم صدقك و عفويتك وإخلاصك الشديد و
أربأ بك أن تقع فى المزالق التى يقع فيها مقلدوك الكثر .
إتهام أحد بكراهية الدين ليس من الإسلام فى
شىء ، و لست فى حاجة لأن أذكرك بقول الحبيب المصطفى " هلا شققت قلبه " !
لا أحد يكره الدين الإسلامى ، إذا كان هذا ما
تعنيه ، فليس فى جوهره الأصلى وأساسه المتين ما يمكن أن يكرهه أحد . ما يكرهه الجميع بلا استثناء
هو تلك النباتات المتسلقة التى ترتدى قميص الدين لتخفى تحته أجسادها المتقرحه . إنه
حب الدين و ليس العكس هو الذى يدفع البعض منا الى الهجوم على اولئك الرافعين
للرايات المزيفة الذين يصرخون فى هيستيريا : نحن الدين ومن عدانا كافر .. إنها
لعبة أو بالأصح داء أصيب به المسلمون منذ الفتنة الكبرى ، و كراهية الدين أو
الخروج عما هو معروف من الدين بالضرورة أو الزندقة ..و ألفاظ أخرى لا مكان لها هنا
، ابتدعها المسلمون ليرشقوابها مخالفيهم فى الرأى . وراجع تاريخ المعتزلة و
الحنابلة و الخوارج وأتباع الوهابية و غيرهم
لتدرك ما أعنيه ..
فهل سنظل نمارس هذاالعبث الى الأبد ..!
حماس ، مثل كل الفلسطينيين ، ليست مسئولة عن
الأهوال التى يلاقيهاهذا الشعب الصابر امتحانا من الله عز و جل ، و لكنها
بدعة أن تزعم بعض الجماعات و "الحركات"
أن بأيديهم مفاتيح الفرج ، و أنهم آتون لكى يقودونا الى النصر بإذن الله ، و هم
وحدهم القادرون على ذلك ..من صدقهم و اتبعهم "مؤمن" ، ومن استراب فى مقاصدهم
و خالفهم "كافر"..! تلك هى خطيئة حماس و أمثالها ، و هى خطيئةلأنهم إذا
فشلوا سقطت معهم الراية المقدسة التى يحملوها و يلوحون بها للعالم أجمع ، أما غيرهم فيتحملون وحدهم وزر أخطائهم ولا بد
أن يحاسبوا عليها.
كذلك أتمنى أن تمحو من قاموسك ألفاظ لا تليق
بكاتب له قراؤه و من يتخذونه قدوة فى الكتابة ، وهى بصراحةأكبر ليست من حقك ، ليس
من حقك أن تنعت أفعال حكومة عربية منتخبة ( مثل حماس ) من الشعب و معترف بها دوليا
، بأنها أفعال " فى منتهى الوطى السياسى " ، وأن رئيسهم رجل الشيخوخة
العربية فى السلطة الفلسطينية فى رام الله " أنت بذلك توجه إهانة الى قطاع عريض من الفلسطينيين داخل فلسطين و خارجها ، الذين يعتبرونه رئيس دولتهم ، و لم يخولوك أو
أى منا بتقييم أدائه و الحكم عليه .
و أتمنى أن توجه خطابك الى هؤلاء "الحماسيين"
الذين يرون بقلوب باردة وعيون غشيها حب السلطة مئات الأطفال و النساء و الشيوخ و
الشبان العزل الأبرياء يقتلون و يجرحون يوميا و لا يطرف لهم رمش ، و لا ترتعد
ضمائرهم خوفا من الله . و أن تسأل نفسك بكل أمانة : هل تقبل لمصر أن ينقسم رئيس
وزرائها ، أيا كان ، على الرئاسة و يستقل بمدينة أو محافظة ، ويعلن العصيان بحجة
أنه كان منتخبا من الشعب ، ثم يدافع عن حقه " الوهمى " بإلقاء مواطنين
من النوافذ وقتلهم بشتى الطرق ..؟أما التهمة فهى الإنتماء لحزب آخر .. فهل حاكموهم
ليثبتوا إدانتهم ..؟
إذا ما كان " الحماسيون" عاجزون
عن حماية مواطنيهم الى حد الشلل التام ،
فلماذا كان الإنفصال والتمرد و إعلان الجمهورية الفلسطينة الغزاوية الحماسية
"...؟
لقد كان بإمكان "الحماسيين" أن
يتمسكوا بحقهم ، وأن يدافعوا عن مناصبهم ، كحزب معترف به بطرق سياسية يعرفها
الغربيون جيدا و يتغاضى عنها السياسيون
العرب ، وفقا لأهوائهم ، مع تمسكهم الى حد الموت
بما هو فى صالحهم .
أنا شخصيا من أشد المعارضين للعلاقة بين
الحكومة المصرية و اسرائيل ،وأرفض
أن تتخلى مصر عن القضية الفلسطينية ، لأن هذا يعنى تخليها عن أمن مصر ، و عن قضية
مصرية عربية بقدر ماهى فلسطينية و ربما اكثر . و لقد سعد الجميع بإعلان الرئيس مبارك أنه لن يسمح بتجويع الشعب الفلسطينى فى غزة ،
وأرجو أن يستمر على وعده هذا و أن يزود إخوتنا فى فلسطين بكل ما يحتاجون اليه من
تموين و أدوية ووقود..الخ هذا حقهم علينا، و ليست منة نمنها عليهم ، بصفتهم خط
الدفاع الأول و كتيبة الفدائيين التى تزود بصدورها ودماء شهدائها عن الحق العربى
المهدر بين أبنائه قبل أن يهدر بين أعدائه
..
من هذا المنطلق أعتبر نفسى ممن يرفضون حماس و
لا يعتبرون أفرادها أبطالا . و أرجو من
منبر " الدستور" الحر أن ينشر رأى هذا و ندائى لهم بأن يرحلوا عن غزة ويرحموا
سكانها و كل الشعب الفلسطينى ، وأن يكفوا
عن إرسال تلك الصواريخ "اللعبة " التى
تعطى مبررا لسفاحى إسرائيل كى يردوا بأسلحة فتاكة " حقيقية" من
صنع وتحريض الولايات المتحدة الأمريكية ..
إن قتل الفلسطينى للفلسطينى عار و إحدى
الكبائر التى لن يغفرها الله ، مهما رفعوا راياتهم المزيفة ، و مهما زعموا بأنهم
" إسلاميين" وغيرهم من المسلمين " كفرة"
مهما أطلقوا ذقونهم ووشموا جباههم "بالذبيبة" .مهما داعبت أصابعهم المسابح و تمتمت شفاههم بالآيات
القرآنية وارتفعت حناجرهم مستشهدة بالأحاديث الموضوعة والأحادية . قد يضحكون (
بهذا الديكور) على بعض الناس و لكنهم أبدا لن يضحكوا على التاريخ ..
كتبت مقالى هذاو أرجو ألا أتهم بالدفاع عمن
تصفهم بالحكومات " التابعة" " الذليلة" و "المخصية"
و"الخسيسة" و" قليلة الأصل" فهذا ليس من شأنى و ليست شيمتى ، إنه
مجرد رأى قد ترفضه أو تقبله ، ولن أغضب مطلقا ، فاعتزازى بنفسى يعطينى من سعة
الصدر ما يجعلنى أحب خصومى أحيانا . لكن
رجاءا حارا ألا تعتبر نفسك "المؤمن"
الأوحد و المدافع وحده عن الحق العربى ، فالمهمومون بقضايا هذا الوطن المنكوب كثيرون
، أكثر مما تتصور ، ولكن يمنعهم من التعبير عن آرائهم ذلك القاموس الذى تفشى هذه
الأيام فى المقالات الصحفية ، وكأنه رذاذ من "ماية نار" لن ينجو من
الاحتراق به أحد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق